أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ١٧
وما أمر به الله موسى وهارون في آية (طه) هذه من أنهما يقولان لفرعون إنهما رسولا ربه إليه، وأنه يأمره بإرسال بني إسرائيل ولا يعذبهم أشار إليه تعالى في غير هذا الموضع، كقوله في سورة (الشعراء): * (فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بنى إسراءيل) *.
تنبيه فإن قيل، ما وجه الإفراد في قوله * (إنا رسول رب العالمين) * في (الشعراء)؟ مع أنهما رسولان؟ كما جاء الرسول مثنى في (طه) فما وجه التثنية في (طه) والإفراد في (الشعراء)، وكل واحد من اللفظين: المثنى والمفرد يراد به موسى وهارون؟
فالذي يظهر لي والله تعالى أعلم أن لفظ الرسول أصله مصدر وصف به، والمصدر إذا وصف به ذكر وأفرد كما قدمنا مرارا. فالإفراد في (الشعراء) نظرا إلى أن أصل الرسول مصدر. والتثنية في (طه) اعتدادا بالوصفية العارضة وإعراضا عن الأصل، ولهذا يجمع الرسول اعتدادا بوصفيته العارضة، ويفرد مرادا به الجمع نظرا إلى أن أصله مصدر. ومثال جمعه قوله تعالى: * (تلك الرسل) *، وأمثالها في القرآن. ومثال إفراده مرادا به الجمع قول أبي ذؤيب الهذلي: تلك الرسل) *، وأمثالها في القرآن. ومثال إفراده مرادا به الجمع قول أبي ذؤيب الهذلي:
* ألكنى إليها وخير الرسول * أعلمهم بنواحي الخبر * ومن إطلاق الرسول مرادا به المصدر على الأصل قوله: ومن إطلاق الرسول مرادا به المصدر على الأصل قوله:
* لقد كذب الواشون ما فهت عندهم * بقول ولا أرسلتهم برسول * أي برسالة. وقول الآخر: أي برسالة. وقول الآخر:
* ألا بلغ بني عصم رسولا * بأني عن فتاحتكم غني * يعني أبلغهم رسالة.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (قد جئناك بأاية) * يراد به جنس الآية الصادق بالعصا واليد وغيرهما. لدلالة آيات أخر على ذلك.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (والسلام على من اتبع الهدى) * يدخل فيه السلام على فرعون إن اتبع الهدى. ويفهم من الآية: أن من لم يتبع الهدى لا سلام عليه، وهو كذلك. ولذا كان في أول الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»