أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٤٧٠
وقول الآخر: وقول الآخر:
* فما يك في من عيب فإني * جبان الكلب مهزول الفصيل * وعلى هذا القول فالآية كقوله: * (وما تنقم منآ إلا أن ءامنا بأايات ربنا) *، وقوله: * (وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله) * ونحو ذلك من الآيات كما تقدم مستوفى في سورة (براءة).
وقوله في هذه الآية الكريمة: * (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) * فيه سؤال معروف، وهو أن يقال: ما وجه ذكر البكرة والعشي، مع أن الجنة ضياء دائم ولا دليل فيها. وللعلماء عن هذا السؤال أجوبة:
الأول أن المراد بالبكرة والعشي قدر ذلك من الزمن، كقوله: * (غدوها شهر ورواحها شهر) * أي قدر شهر. وروي معنى هذا عن ابن عباس، وابن جريج وغيرهما.
الجواب الثاني أن العرب كانت في زمنها ترى أن من وجد غداء وعشاء فذلك الناعم، فنزلت الآية مرغبة لهم وإن كان في الجنة أكثر من ذلك. ويروى هذا عن قتادة، والحسن، ويحيى بن أبي كثير.
الجواب الثالث أن العرب تعبر عن الدوام بالبكرة والعشي، والمساء والصباح، كما يقول الرجل: أنا عند فلان صباحا ومساء، وبكرة وعشيا. يريد الديمومة ولا يقصد الوقتين المعلومين.
الجواب الرابع أن تكون البكرة هي الوقت الذي قبل اشتغالهم بلذاتهم. والعشي: هو الوقت الذي بعد فراغهم من لذاتهم، لأنه يتخللها فترات انتقال من حال إلى حال. وهذا يرجع معناه إلى الجواب الأول.
الجواب الخامس هو ما رواه الترمذي الحكيم في (نوادر الأصول) من حديث أبان عن الحسن وأبي قلابة قالا: قال رجل: يا رسول الله، هل في الجنة من ليل؟ قال: (وما يهيجك على هذا)؟ قال: سمعت الله تعالى يذكر * (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) * فقلت: الليل بين البكرة والعشي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس هناك ليل، إنما هو ضوء ونور، يرد الغدو على الرواح والرواح على الغدو، تأتيهم طرف الهدايا من الله تعالى لمواقيت الصلاة التي كانوا يصلون فيها في الدنيا، وتسلم عليهم الملائكة) انتهى
(٤٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 ... » »»