هدانى لكنت من المتقين) *. ثم إنه تعالى يجعل منازل أهل الجنة في النار لأهل النار، ومنازل أهل النار في الجنة لأهل الجنة فيرثون منازل أهل النار في الجنة. وهذا هو معنى الإيراث المذكور على هذا القول.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: قد جاء حديث يدل لما ذكر من أن لكل أحد منزلا في الجنة ومنزلا في النار، إلا أن حمل الآية عليه غير صواب، لأن أهل الجنة يرثون من الجنة منازلهم لمعدة لهم بأعمالهم وتقواهم، كما قد قال تعالى: * (ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون) * ونحوها من الآيات. ولو فرضنا أنهم يرثون منازل أهل النار فحمل الآية على ذلك يوهم أنهم ليس لهم في الجنة إلا ما أورثوا من منازل أهل النار والواقع بخلاف ذلك كما ترى. والحديث المذكور هو ما رواه الإمام أحمد في المسند، والحاكم في المستدرك من حديث أبي هريرة (كل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول: لولا أن الله هداني فيكون له شكر. وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول: لولا أن الله هداني فيكون عليه حسرة) ا ه. وعلم في الجامع الصغير على هذا الحديث علامة الصحة. وقال شارحه المناوي: قال الحاكم صحيح على شرطهما وأقره الذهبي. وقال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح ا ه قوله تعالى: * (ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا أولا يذكر إلإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا) *.
قال بعض أهل العلم: نزلت هذه الآية في أبي بن خلف، وجد عظاما بالية ففتتها بيده وقال: زعم محمد أنا نبعث بعد الموت؟ قاله الكلبي، وذكره الواحدي والثعلبي. وقال المهدوي: نزلت في الوليد بن المغيرة، وأصحابه، وهو قول ابن عباس. وقيل: نزلت في العاص بن وائل. وقيل: في أبي جهل، وعلى كل واحد من هذه الأقوال فقد أسند تعالى هذا القول لجنس الإنسان وهو صادر من بعض أفراد الجنس، لأن من أساليب العربية إسناد الفعل إلى المجموع، مع أن فاعله بعضهم لا جميعهم. ومن أظهر الأدلة القرآنية في ذلك قراءة حمزة والكسائي * (فإن قاتلوكم فاقتلوهم) * من القتل في الفعلين، أي فإن قتلوا بعضكم فليقتلهم بعضكم الآخر كما تقدم مرارا. ومن أظهر الشواهد العربية في ذلك قول الفرزدق: فإن قاتلوكم فاقتلوهم) * من القتل في الفعلين، أي فإن قتلوا بعضكم فليقتلهم بعضكم الآخر كما تقدم مرارا. ومن أظهر الشواهد العربية في ذلك قول الفرزدق:
* فسيف بني عبس وقد ضربوا به * نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد *