فالجواب هو ما قدمنا أن هذا البيان بهذه الآيات ليس وافيا بتمام الإيضاح إلا بضميمة السنة له، ولذلك ذكرنا أننا نتمم مثله من السنة لأنها مبينة للقرآن. قال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثني يحيى بن جابر الطائي قاضي حمص، حدثني عبد الرحمن بن جبير عن أبيه جبير بن نفير الحضرمي: أنه سمع النواس بن سمعان الكلابي (ح) وحدثني محمد بن مهران الرازي (واللفظ له)، حدثني الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن يحيى بن جابر الطائي، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه جبير بن نفير، عن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا فقال: (ما شأنكم)؟ قلنا: يا رسول الله، ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه ورفعت، حتى ظنناه في طائفة النخل؟ فقال: (غير الدجال أخوفني عليكما إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي هل كل مسلم. إنه شاب قطط، عينه طائفته، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة (الكهف) إنه خارج خلة بين الشام والعراق، فعاث يمينا وعاث شمالا. (يا عباد فاثبتوا) قلنا: يا رسول الله، وما لبثه في الأرض؟ قال: (أربعون يوما، يوم ، كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم) قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنه، أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: (لا، أقدروا له قدره) قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟ قال: (كالغيث استدبرته الريح). فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له: فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا وأسبغه ضروعا، وأمده خواصر ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله. فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعون فيقبل ويتهلل وجهه يضحك. فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح بن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين، واضعا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ. فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله. ثم يأتي عيسى بن
(٣٤٣)