أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٣٣١
الرابع أن الخضر لو كان حيا إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم لكان من أتباعه، ولنصره وقاتل معه، لأنه مبعوث إلى جميع الثقلين الإنس والجن. والآيات الدالة على عموم رسالته كثيرة جدا، كقوله تعالى: * (قل ياأيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا) *، وقوله: * (تبارك الذى نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا) *، وقوله تعالى: * (ومآ أرسلناك إلا كآفة للناس) * ويوضح هذا أنه تعالى بين في سورة (آل عمران): أنه أخذ على جميع النبيين الميثاق المؤكد أنهم إن جاءهم نبينا صلى الله عليه وسلم مصدقا لما معهم أن يؤمنوا به وينصرونه، وذلك في قوله: * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لمآ ءاتيتكم من كتاب وحكمة ثم جآءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءأقررتم وأخذتم على ذالكم إصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذالك فأولائك هم الفاسقون) *.
وهذه الآية الكريمة على القول بأن المراد بالرسول فيها نبينا صلى الله عليه وسلم، كما قاله ابن العباس وغيره فالأمر واضح. وعلى أنها عامة فهو صلى الله عليه وسلم يدخل في عمومها دخولا أوليا. فلو كان الخضر حيا في زمنه لجاءه ونصره وقاتل تحت رايته. ومما يوضح أنه لا يدركه نبي إلا اتبعه ما رواه الإمام أحمد وابن أبي شيبة والبزار من حديث جابر رضي الله عنه: أن عمر رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه عليه فغضب وقال: (لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو يباطل فتصدقوا به. والذي نفسي بيده، لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني) ا ه قال ابن حجر في الفتح: ورجاله موثوقون، إلا أن في مجالد ضعفا. وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تاريخه بعد أن ساق آية (آل عمران) المذكورة آنفا مستدلا بها على أن الخضر لو كان حيا لجاء النبي صلى الله عليه وسلم ونصره ما نصه: قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما بعث الله نبينا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذها على أمته الميثاق لئن بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهم أحياء ليؤمنن به وينصرونه ذكره البخاري عنه ا ه. فالخضر إن كان نبيا أو وليا فقد دخل في هذا الميثاق. فلو كان حيا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان أشرف أحواله أن يكون بين يديه، يؤمن بما أنزل الله عليه، وينصره أن يصل أحد من الأعداء إليه. لأنه إن كان وليا فالصديق أفضل منه. وإن كان نبيا فموسى أفضل منه
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»