إذا هلك. وفيه لغة أخرى وهي وبق يوبق كلأجل يوجل. ولغة ثالثة أيضا وهي: وبق يبق كورث يرث. ومعنى كل ذلك: الهلاك. والمصدر من وبق بالفتح الوبوق على القياس، والوبق. ومن وبق بالكسر الوبق بفتحتين على القياس. وأوبقته ذنوبه: أهلكته، ومن هذا المعنى قوله تعالى: * (أو يوبقهن بما كسبوا) * أي يهلكهن، ومنه الحديث، (فموبق نفسه أو بائعها فمعتقها) وحديث (السبع الموبقات) أي المهلكات، ومن هذا المعنى قول زهير: ومنه الحديث، (فموبق نفسه أو بائعها فمعتقها) وحديث (السبع الموبقات) أي المهلكات، ومن هذا المعنى قول زهير:
* ومن يشتري حسن الثناء بماله * يصن عرضه عن كل شنعاء موبق * وقول من قال، إن الموبق العداوة، وقول من قال: إنه المجلس كلاهما ظاهر السقوط. والتحقيق فيه هو ما قدمنا. وأما الأقوال العلماء في المراد بلفظه (بين) فعلى قول الحسن ومن وافقه: أن الموبق العداوة فالمعنى واضح؛ أي وجعلنا بينهم عداوة؛ كقوله: * (الا خلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو) *، وقوله: * (وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم فى الحيواة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا) *، إلى غير ذلك من الآيات. ولكن تفسير الموبق بالعداوة بعيد كما قدمنا. وقال بعض العلماء: المراد بالبين في الآية: الوصل؛ أي وجعلنا تواصلهم في الدنيا ملكا لهم يوم القيامة؛ كما قال تعالى: * (إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الا سباب) * أي المواصلات التي كانت بينهم في الدنيا. وكما قال: * (كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا) *، وكما قال تعالى: * (ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا) * ونحو ذلك من الآيات. وقال بعض العلماء: * (وجعلنا بينهم موبقا) *: جعلنا الهلاك بينهم؛ لأن كلا منهم معين على هلاك الآخر لتعاونهم على الكفر والمعاصي فهم شركاء في العذاب؛ كما قال تعالى: * (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم فى العذاب مشتركون) *، وقوله: * (قال لكل ضعف ولاكن لا تعلمون) * ومعنى هذا القول مروي عن ابن زيد. وقال بعض العلماء: * (وجعلنا بينهم موبقا) *: أي بين المؤمنين والكافرين موبقا، أي مهلكا يفصل بينهم، فالداخل فيه، في هلاك، والخارج عنه في عافية. وأظهر الأقوال عندي وأجراها على ظاهر القرآن، أن المعنى: وجعلنا بين الكفار وبين من كانوا يعبدونهم ويشركونهم مع الله موبقا أي مهلكا،