شديدة يريد بها إسقاط حكمها، وعدم نفوذ كلمتها، والحيلولة بينها وبين ما تريده من تنفيذ أنظمتها، التي يظهر لها أن بهما صلاح المجتمع، ثم قدرت عليه بعد مقاومة شديدة فإنها تقتله شر قتلة. ولا شك أن ذلك القتل يسلبه جميع تصرفاته وجميع منافعه. فهو أشد سلبا لتصرفات الإنسان ومنافعه من الرق بمراحل. والكافر قام ببذل كل ما في وسعه ليحول دون إقامة نظام الله الذي شرعه. ليسير عليه خلقه فينشر بسببه في الأرض الأمن والطمأنينة. والرخاء والعدالة، والمساواة في الحقوق الشرعية، وتنتظم به الحياة على أكمل الوجوه وأعدلها وأسماها * (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتآء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون) * فعاقبه الله هذه المعاقبة بمنعه التصرف. ووضع درجته وجريمته تجعله يستحق العقوبة بذلك.
فإن قيل: إذا كان الرقيق مسلما فما وجه ملكه بالرق؟ مع أن سبب الرق الذي هو الكفر ومحاربة الله ورسله قد زال؟
فالجواب: أن القاعدة المعروفة عند العلماء وكافة العقلاء: أن الحق السابق لا يرفعه الحق اللاحق، والأحقية بالأسبقية ظاهرة لا خفاء بها. فالمسلمون عندما غنموا الكفار بالسبي: ثبت لهم حق الملكية بتشريع خالق الجميع، وهو الحكيم الخبير. فإذا استقر هذا الحق وثبت، ثم أسلم الرقيق بعد ذلك كان حقه في الخروج من الرق بالإسلام مسبوقا بحق المجاهد الذي سبقت له الملكية قبل الإسلام، وليس من العدل والإنصاف رفع الحق السابق بالحق المتأخر عنه. كما هو معلوم عند العقلاء. نعم، يحسن بالمالك ويجمل به: أن يعتقه إذا أسلم، وقد أمر الشارع بذلك ورغب فيه، وفتح له الأبواب الكثيرة كان قدمنا فسبحان الحكيم الخبير * (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم) * فقوله * (صدقا) * أي في الأخبار وقوله * (وعدلا) * أي في الأحكام. ولا شك أن من ذلك العدل: الملك بالرق وغيره من أحكام القرآن. وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم) * فقوله * (صدقا) * أي في الأخبار وقوله * (وعدلا) * أي في الأحكام. ولا شك أن من ذلك العدل: الملك بالرق وغيره من أحكام القرآن.
* وكم من عائب قولا صحيحا * وآفته من الفهم السقيم * ومن هدي القرآن للتي هي أقوم: القصاص. فإن الإنسان إذا غضب وهم بأن يقتل إنسانا آخر فتذكر أنه إن قتله قتل به، خاف العاقبة فترك القتل. فحيي ذلك الذي كان يريد