أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ١٣٣
رحمه الله.
ومنها ما ثبت في بعض روايات الحديث المذكور في صحيح البخاري وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفتسحقون الدية بأيمان خمسين منكم) قالوا: هذه الرواية الثابتة في صحيح البخاري صريحة في أن المستحق بأيمان القسامة إنما هو الدية لا القصاص.
ومن أدلتهم أيضا ما ذكره الحافظ (في فتح الباري) قال: وتمسك من قال: لا يجب فيها إلا الدية بما أخرجه الثوري في جامعه، وابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور بسند صحيح إلى الشعبي قال: وجد قتيل بين حيين من العرب فقال عمر: قيسوا ما بينهما فأيهما وجدتموه إليه أقرب فأحلفوهم خمسين يمينا، وأغرموهم الدية. وأخرجه الشافعي عن سفيان بن عيينة، عن منصور، عن الشعبي: أن عمر كتب في قتيل وجد بين خيران وداعة أن يقاس ما بين القريتين. فإلى أيهما كان أقرب أخرج إليه منها خمسون رجلا حتى يوافوه في مكة، فأدخلهم الحجر فأحلفهم، ثم قضى عليهم الدية. فقال: (حقنتم بأيمانكم دماءكم، ولا يطل دم رجل مسلم).
قال الشافعي: إنما أخذه الشعبي عن الحارث الأعور، والحارث غير مقبول. انتهى. وله شاهد مرفوع من حديث أبي سعيد عند أحمد: أن قتيلا وجد بين حيين فأمر النبي صلى الله عليه وسلم (أن يقاس إلى أيهما أقرب فألقى ديته على الأقرب) ولكن سنده ضعيف.
وقال عبد الرزاق في مصنفه: عن معمر قال: قلت لعبد الله بن عمر العمري: أعلمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقاد بالقسامة؟ قال: لا، قلت: فأبو بكر؟ قال: لا. قلت: فعمر؟ قال لا. قلت: فكيف تجترؤون عليها؟ فسكت... الحديث.
وأخرج البيهقي من طريق القاسم بن عبد الرحمن: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: في القسامة: توجب العقل ولا تسقط الدم. انتهى كلام ابن حجر رحمه الله.
وأما حجة من قال: إن القسامة لا يلزم بها حكم فهي أن الذين يحلفون أيمان القسامة إنما يحلفون على شيء لم يحضروه، ولم يعلموا أحق هو أم باطل، وحلف الإنسان على شيء لم يره دليل على أنه كاذب.
قال البخاري في صحيحه: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، حدثنا الحجاج بن أبي عثمان، حدثنا أبو رجاء من آل أبي قلابة، حدثني أبو
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»