أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ١١١
فمذهب أبي حنيفة، ومشهور مذهب مالك: أن الجاني يلزمه قسط من الدية كواحد من العاقلة.
وذهب الإمام أحمد، والشافعي: إلى أنه لا يلزمه من الدية شيء، لظاهر حديث أبي هريرة المتفق عليه المتقدم: أن النبي صلى الله عليه وسلم (قضى بالدية على عاقلة المرأة) وظاهره قضاؤه بجميع الدية على العاقلة. وحجة القول الآخر: أن أصل الجناية عليه وهم معينون له. فيتحمل عن نفسه مثل ما يتحمل رجل من عاقلته.
الفرع الثالث اختلف العلماء في تعيين العاقلة التي تحمل عن الجاني دية الخطأ.
فمذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله: أن العاقلة هم أهل ديوان القاتل إن كان القاتل من أهل ديوان، وأهل الديوان أهل الرايات، وهم الجيش الذين كتبت أسماؤهم في الديوان لمناصرة بعضهم بعضا، تؤخذ الدية من عطاياهم في ثلاث سنين. وإن لم يكن من أهل ديوان فعاقلته قبيلته، وتقسم عليهم في ثلاث سنين. فإن لم تتسع القبيلة لذلك ضم إليهم أقرب القبائل نسبا على ترتيب العصبات.
ومذهب مالك رحمه الله البداءة بأهل الديوان أيضا. فتؤخذ الدية من عطاياهم في ثلاث سنين. فإن لم يكن عطاؤهم قائما فعاقلته عصبته الأقرب فالأقرب. ولا يحمل النساء ولا الصبيان شيئا من العقل.
وليس لأموال العاقلة حد إذا بلغته عقلوا، ولا لما يؤخذ منهم حد. ولا يكلف أغنياؤهم الأداء عن فقرائهم.
ومن لم تكن له عصبة فعقله في بيت مال المسلمين.
والموالي بمنزلة العصبة من القرابة. ويدخل في القرابة الابن والأب.
قال سحنون: إن كانت العاقلة ألفا فهم قليل، يضم إليهم أقرب القبائل إليهم.
ومذهب أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يؤخذ من واحد من أفراد العصبة من الدية أكثر من درهم وثلث في كل سنة من السنين الثلاث. فالمجموع أربعة دراهم.
ومذهب أحمد والشافعي: أن أهل الديوان لا مدخل لهم في العقل إلا إذا كانوا عصبة. ومذهبهما رحمهما الله: أن العاقلة هي العصبة، إلا أنهم اختلفوا هل يدخل في ذلك الأبناء والآباء؟ فعن أحمد في إحدى الروايتين: أنهم داخلون في العصبة. لأنهم أقرب العصبة. وعن أحمد رواية أخرى والشافعي: أنهم لا يدخلون في العاقلة. لظاهر حديث
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»