أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٤٠٩
شيء ولا عن التابعين. إلا عن إبراهيم النخعي. انتهى محل الغرض من (فتح الباري) بحذف ما لا حاجة إليه.
قال مقيده عفا الله عنه: تحريم قليل النبيذ الذي يسكر كثيره لا شك فيه. لما رأيت من تصريح النبي صلى الله عليه وسلم بأن (ما أسكر كثيره فقليله حرام).
واعلم أن قياس النبيذ المسكر كثيره على الخمر بجامع الإسكار لا يصح. لأن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بأن (كل مسكر حرام) والقياس يشترط فيه ألا يكون حكم الفرع منصوصا عليه كحكم الأصل. كما أشار له في مراقي السعود بقوله: صرح بأن (كل مسكر حرام) والقياس يشترط فيه ألا يكون حكم الفرع منصوصا عليه كحكم الأصل. كما أشار له في مراقي السعود بقوله:
* وحيثما يندرج الحكمان * في النص فالأمران قل سيان * وقال ابن المنذر: وجاء أهل الكوفة بأخبار معلولة، وإذا اختلف الناس في الشيء وجب رد ذلك إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم اه. قوله تعالى: * (وأوحى ربك إلى النحل) *. المراد بالإيحاء هنا: الإلهام. والعرب تطلق الإيحاء على الإعلام بالشيء في خفية. ولذا تطلقه على الإشارة، وعلى الكتابة، وعلى الإلهام. ولذلك قال تعالى: * (وأوحى ربك إلى النحل) * أي ألهمها. وقال: * (فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة) *. أي أشار إليهم. وسمى أمره للأرض إيحاء في قوله: * (يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها) * ومن إطلاق الوحي على الكتابة قول لبيد في معلقته: بأن ربك أوحى لها) * ومن إطلاق الوحي على الكتابة قول لبيد في معلقته:
* فمدافع الريان عرى رسمها * خلقا كما ضمن الوحي سلامها * ف (الوحي) في البيت (بضم الواو وكسر الحاء وتشديد الياء) جمع وحي بمعنى الكتابة. وسيأتي لهذه المسألة إن شاء الله زيادة إيضاح. قوله تعالى: * (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكى لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير) *. بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من الناس من يموت قبل بلوغ أرذل العمر، ومنهم من يعمر حتى يرد إلى أرذل العمر. وأرذل العمر آخره الذي تفسد فيه الحواس، ويختل فيه النطق والفكر، وخص بالرذيلة لأنه حال لا رجاء بعدها لإصلاح ما فسد. بخلاف حال الطفولة، فإنها حالة ينتقل منها إلى القوة وإدراك الأشياء. وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر. كقوله في سورة الحج. * (ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا) *، وقوله في الروم: * (الله الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»