أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٦٩
والصحيح أن ذكاة المحرم للصيد لغو ويكون ميتة والميتة أخف من الصيد للمحرم؛ لأنه يشاركها في اسم الميتة ويزيد بحرمة الاصطياد وحرمة القتل وسيأتي لهذه المسألة زيادة بيان إن شاء الله في سورة المائدة.
وممن قال بتقديم الصيد للمحرم على الميتة أبو يوسف والحسن والشعبي واحتجوا بأن الصيد يجوز للمحرم عند الضرورة ومع جوازه والقدرة عليه تنتفي الضرورة فلا تحل الميتة.
واحتج الجمهور بأن حل أكل الميتة عند الضرورة منصوص عليه وإباحة الصيد للضرورة مجتهد فيها والمنصوص عليه أولى فإن لم يجد المضطر إلا صيدا وهو محرم فله ذبحه وأكله وله الشبع منه على التحقيق لأنه بالضرورة وعدم وجود غيره صار مذكى ذكاة شرعية طاهرا حلالا فليس بميتة ولذا تجب ذكاته الشرعية ولا يجوز قتله والأكل منه بغير ذكاة.
ولو وجد المضطر ميتة ولحم خنزير أو لحم إنسان ميت فالظاهر تقديم الميتة على الخنزير ولحم الآدمي.
قال الباجي: إن وجد المضطر ميتة وخنزيرا فالأظهر عندي أن يأكل الميتة؛ لأن الخنزير ميتة ولا يباح بوجه وكذلك يقدم الصيد على الخنزير والإنسان على الظاهر ولم يجز عند المالكية أكل الإنسان للضرورة مطلقا وقتل الإنسان الحي المعصوم الدم لأكله عند الضرورة حرام إجماعا سواء كان مسلما أو ذميا. وإن وجد إنسان معصوم ميتا فهل يجوز لحمه عند الضرورة أو لا يجوز؟ منعه المالكية والحنابلة وأجازه الشافعية وبعض الحنفية.
واحتج الحنابلة لمنعه لحديث: كسر عظم الميت ككسر عظم الحي واختار أبو الخطاب منهم جواز أكله وقال لا حجة في الحديث هاهنا؛ لأن الأكل من اللحم لا من العظم والمراد بالحديث التشبيه في أصل الحرمة لا في مقدارها بدليل اختلافهما في الضمان والقصاص ووجوب صيانة الحي بما لا يجب به صيانة الميت قاله في المغني.
ولو وجد المضطر ءادميا غير معصوم كالحربي والمرتد فله قتله والأكل منه عند الشافعية وبه قال القاضي من الحنابلة واحتجوا بأنه لا حرمة له فهو بمنزلة السباع. والله
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»