أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٥٠٤
يجاء به من الهند كقصب النشاب أحمر يتداوى به وممن قال مثل قول أبي حنيفة النخعي وروي نحوه عن عمر بن عبد العزيز وهو قول حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة ونصره ابن العربي المالكي في أحكامه. قال: وأما أبو حنيفة فجعل الآية مرآته فأبصر الحق. هذا هو حاصل مذاهب الأئمة الأربعة رضي الله عنهم. في تعيين ما تجب فيه الزكاة مما تنبته الأرض وسنشير إن شاء الله إلى دليل كل واحد منهم فيما ذهب إليه.
أما أبو حنيفة: فقد احتج على وجوب الزكاة في كل ما تنبته الأرض من قليل وكثير بعموم هذه الآية الكريمة التي نحن بصددها. لأن الله قال فيها * (وآتوا حقه يوم حصاده) * بعموم قوله تعالى * (يا أيها الذين ءامنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم وممآ أخرجنا لكم من الأرض) *. وبعموم قوله صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء العشر الحديث ولم يقبل تخصيصه بحديث ليس فيما دون خمسة أوسق السماء العشر الحديث ولم يقبل تخصيصه بحديث ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة لأن القاعدة المقررة في أصوله رحمه الله أن العام قطعي الشمول والتناول لجميع أفراده كما أشار له في مراقي السعود بقوله: الرجز:
* وهو على فرد يدل حتما * وفهم الاستغراق ليس جزما * * بل هو عند الجل بالرجحان * والقطع فيه مذهب النعمان * فما كان أقل من خمسة أوسق يدخل عنده دخولا مجزوما به في عموم الآيات المذكورة والحديث. فلا يلزم عنده تخصيص العام بالخاص بل يتعارضان. وتقديم ما دل على الوجوب أولى من تقديم ما دل على غيره للاحتياط في الخروج من عهدة الطلب.
وأما مالك والشافعي رحمهما الله تعالى فحجتهما في قولهما: إنه لا زكاة في غير النخل والعنب من الأشجار ولا في شيء من الحبوب إلا فيما يقتات ويدخر. ولا زكاة في الفواكه ولا الخضراوات لأن النص والإجماع دلا على وجوب الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب وكل واحد منها مقتات مدخر فألحقوا بها كل ما كان في معناها لكونه مقتاتا ومدخرا. ولم يريا أن في الأشجار مقتاتا ولا مدخرا غير التمر والزبيب فلم يشاركهما في العلة غيرهما من الثمار ولذا قال جماعة من أصحاب مالك بوجوبها في التين
(٥٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 ... » »»