تنبيه من قال لا زكاة في الرمان وهم جمهور العلماء ومن قال لا زكاة في الزيتون يلزم على قول كل منهم أن تكون الآية التي نحن بصددها التي هي قوله تعالى: * (وآتوا حقه يوم حصاده) * منسوخة أو مرادا بها غير الزكاة لأنها على تقدير أنها محكمة وأنها في الزكاة المفروضة لا يمكن معها القول بعدم زكاة الزيتون والرمان لأنها على ذلك صريحة فيها. لأن المذكورات في قوله تعالى: * (والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه) * يرجع إلى كلها الضمير في قوله: * (كلوا من ثمره) * وقوله: * (وآتوا حقه يوم حصاده) * كما هو واضح لا لبس فيه. فيدخل فيه الزيتون والرمان دخولا أوليا لا شك فيه فقول أكثر أهل العلم بعدم الزكاة في الرمان يقوي القول بنسخ الآية أو أنها في غير الزكاة المفروضة والله تعالى أعلم وعن أبي يوسف أنه أوجب الزكاة في الحناء واعلم أن مذهب داود بن علي الظاهري في هذه المسألة قوي جدا من جهة النظر. لأنه قال ما أنبتته الأرض ضربان موسق وغير موسق فما كان موسقا وجبت الزكاة فيما بلغ منه خمسة أوسق لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ولا زكاة فيما دونها منه وما كان غير موسق ففي قليله وكثيره الزكاة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: فيما سقت السماء العشر ولا يخصص بحديث ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة لأنه غير موسق أصلا. قال مقيده: عفا الله عنه وهذا القول هو أسعد الأقوال بظاهر النصوص وفيه نوع من الجمع بينها إلا أنه يرد عليه ما قدمنا من أنه صلى الله عليه وسلم لم يتعرض للخضراوات مع كثرتها في المدينة ولا الفواكه مع كثرتها بالطائف ولو كان العموم شاملا لذلك لبينه صلى الله عليه وسلم وإذا عرفت كلام العلماء في تعيين ما تجب فيه الزكاة وأدلة أقوالهم مما ذكرنا.
فاعلم أن جمهور العلماء قالوا لا تجب الزكاة إلا في خمسة أوسق فصاعدا لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة الحديث. أخرجه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ومسلم من حديث جابر رضي الله عنه.
وممن قال بهذا الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله وأصحابهم وهو قول ابن عمر وجابر وأبي أمامة بن سهل وعمر بن عبد العزيز وجابر بن زيد والحسن وعطاء ومكحول والحكم والنخعي وأهل المدينة والثوري والأوزاعي وابن أبي