أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٥٠٥
على أصول مذهب مالك لأنه كالزبيب في الاقتيات والإدخار.
وقال ابن عبد البر: الظاهر أن مالكا ما كان يعلم أن التين كذلك وأما الحبوب فيوجد فيها الاقتيات والإدخار فألحقا بالحنطة والشعير كل ما كان مقتاتا ومدخرا كالأرز والذرة والدخن والقطاني ونحو ذلك. فهو إلحاق منهما رحمهما الله للمسكوت بالمنطوق بجامع العلة التي هي عندهما الاقتيات والإدخار. لأن كونه مقتاتا مدخرا مناسب لوجوب الصدقة فيه. لاحتياج المساكين إلى قوت يأكلون منه ويدخرون.
وأما أحمد رحمه الله فحجته في قوله إن الزكاة تجب فيما يبقى وييبس ويكال: أن ما لا ييبس ولا يبقى كالفواكه والخضراوات لم تكن تؤخذ منه الزكاة في زمنه صلى الله عليه وسلم ولا زمن الخلفاء الراشدين.
ودليله في اشتراطه الكيل قوله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة قال: فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن محل الواجب في الوسق وهو خاص بالمكيل كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
أما دليل الجمهور منهم مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله على أن الفواكة والخضراوات. لا زكاة فيها فظاهر. لأن الخضراوات كانت كثيرة بالمدينة جدا والفواكه كانت كثيرة بالطائف ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنه أخذ الزكاة من شيء من ذلك.
قال القرطبي: في تفسير هذه الآية. وقد كان بالطائف الرمان والفرسك والأترج فما اعترضه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ذكره لا أحد من خلفائه قلت: وهذا وإن لم يذكره في الأحكام هو الصحيح في المسألة وأن الخضراوات ليس فيها شيء وأما الآية فقد اختلف فيها: هل هي محكمة أو منسوخة أو محمولة على الندب؟ ولا قاطع يبين أحد محاملها بل القاطع المعلوم ما ذكره ابن بكير في أحكامه أن الكوفة افتتحت بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وبعد استقرار الأحكام بالمدينة. أفيجوز أن يتوهم متوهم أو من له أدنى بصيرة أن تكون شريعة مثل هذه عطلت فلم يعمل بها في دار الهجرة ومستقر الوحي ولا خلافة أبي بكر حتى عمل بذلك الكوفيون؟ إن هذه لمصيبة فيمن ظن هذا أو قال به. قلت: ومما يدل على هذا من معنى التنزيل قوله تعالى: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) * أتراه يكتم شيئا أمر بتبليغه
(٥٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 ... » »»