أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٤٦٩
((سورة الأنعام)) * (ق وله تعالى: * (ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) *.
في قوله تعالى * (يعدلون) * وجهان للعلماء:
أحدهما: أنه من العدول عن الشئ بمعنى الانحراف والميل عنه وعلى هذا فقوله * (بربهم) * متعلق بقوله * (كفروا) * وعليه فالمعنى: إن الذين كفروا بربهم يميلون وينحرفون عن طريق الحق إلى الكفر والضلال وقيل على هذا الوجه: إن الباء بمعنى عن أي يعدلون عن ربهم فلا يتوجهون إليه بطاعة ولا إيمان.
والثاني: أن الباء متعلقة بيعدلون ومعنى يعدلون يجعلون له نظيرا في العبادة من قول العرب: عدلت فلانا بفلان إذا جعلت له نظيرا وعديلا. ومنه قول جرير: الوافر:
* أثعلبة الفوارس أم رياحا * عدلت بهم طهية والخشابا * يعني أجعلت طهية والخشاب نظراء وأمثالا لبني ثعلبة وبني رياح وهذا الوجه الأخير يدل له القرآن كقوله تعالى عن الكفار الذين عدلوا به غيره: * (تالله إن كنا لفى ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين) * وقوله تعالى: * (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله) * وأشار تعالى في آيات كثيرة إلى أن الكفار ساووا بين المخلوق والخالق قبحهم الله تعالى كقوله: * (أم جعلوا لله شركآء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار) * وقوله: * (أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون) * وقوله: * (ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركآء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء) * إلى غير ذلك من الآيات وعدل الشئ في اللغة مثله ونظيره قال بعض علماء العربية: إذا كان من جنسه فهو عدل بكسر العين وإذا كان من غير جنسه فهو عدل بفتح العين ومن الأول قول مهلهل: الوافر:
*
(٤٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 ... » »»