أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٣٠٧
ولكنه أشار في مواضع أخر أن المراد بالناس المرغب في الإصلاح بينهم هنا المسلمون خاصة كقوله تعالى: * (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم) * وقوله: * (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) * فتخصيصه المؤمنين بالذكر يدل على أن غيرهم ليس كذلك كما هو ظاهر وكقوله تعالى: * (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) *.
وقال بعض العلماء: إن الأمر بالمعروف المذكور في هذه الآية في قوله: * (إلا من أمر بصدقة أو معروف) * يبينه قوله تعالى: * (والعصر * إن الإنسان لفى خسر * إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) * وقوله: * (إلا من أذن له الرحمان وقال صوابا) * والآية الأخيرة فيها أنها في الآخرة والأمر بالمعروف المذكور إنما هو في الدنيا والعلم عند الله تعالى. * (قوله تعالى وإن يدعون إلا شيطان مريدا المراد في هذه الآية بدعائهم الشيطان المريد عبادتهم له ونظيره قوله تعالى: * (ألم أعهد إليكم يبنى بنىءادم أن لا تعبدوا الشيطان) * وقوله عن خليله إبراهيم مقررا له: * (يا أبت لا تعبد الشيطان) * وقوله عن الملائكة: * (بل كانوا يعبدون الجن) * وقوله: * (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم) * ولم يبين في هذه الآيات ما وجه عبادتهم للشيطان ولكنه بين في آيات أخر أن معنى عبادتهم للشيطان إطاعتهم له واتباعهم لتشريعه وإيثاره على ما جاءت به الرسل من عند الله تعالى كقوله: * (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) * وقوله: * (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) * فإن عدي بن حاتم رضي الله عنه لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم: كيف اتخذوهم أربابا؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: إنهم أحلوا لهم ما حرم الله وحرموا عليهم ما أحل الله فاتبعوهم وذلك هو معنى اتخاذهم إياهم أربابا. ويفهم من هذه الآيات بوضوح لا لبس فيه أن من اتبع تشريع الشيطان مؤثرا له على ما جاءت به الرسل فهو كافر بالله عابد للشيطان متخذ الشيطان ربا وإن سمى أتباعه للشيطان بما شاء من الأسماء؛ لأن الحقائق لا تتغير بإطلاق الألفاظ عليها كما هو معلوم.
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»