أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٣٠٨
* (قوله تعالى وقال لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا بين هنا فيما ذكر عن الشيطان كيفية اتخاذه لهذا النصيب المفروض بقوله: * (ولأضلنهم ولأمنينهم ولامرنهم فليبتكن آذان الانعام ولامرنهم فليغيرن خلق الله) * والمراد بتبتيك آذان الأنعام شق أذن البحيرة مثلا وقطعها ليكون ذلك سمة وعلامة لكونها بحيرة أو سائبة كما قاله قتادة والسدي وغيرهما وقد أبطله تعالى بقوله: * (ما جعل الله من بحيرة) * والمراد ببحرها شق أذنها كما ذكرنا والتبتيك في اللغة: التقطيع ومنه قول زهير: البسيط:
* حتى إذا ما هوت كف الوليد لها * طارت وفي كفه من ريشها بتك * أي: قطع كما بين كيفية اتخاذه لهذا النصيب المفروض في آيات أخر كقوله: * (لاقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين) * وقوله: * (أرأيتك هذا الذي كرمت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته الآية) * ولم يبين هنا هل هذا الظن الذي ظنه إبليس ببني آدم أنه يتخذ منهم نصيبا مفروضا وأنه يضلهم تحقق لإبليس أو لا ولكنه بين في آية أخرى أن ظنه هذا تحقق له وهي قوله: * (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه الأية) * ولم يبين هنا الفريق السالم من كونه من نصيب إبليس ولكنه بينه في مواضع أخر كقوله: * (لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) * وقوله: * (إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون) * إلى غير ذلك من الآيات ولم يبين هنا هل نصيب إبليس هذا هو الأكثر أو لا ولكنه بين في مواضع أخر أنه هو الأكثر كقوله: * (ولاكن أكثر الناس لا يؤمنون) * وقوله: * (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) * وقوله: * (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك) * وقوله: * (ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين) *. وقد ثبت في الصحيح أن نصيب الجنة واحد من الألف والباقي في النار. * (قوله تعالى ولامرنهم فلغيرن خلق الله قال بعض العلماء: معنى هذه الآية أن الشيطان يأمرهم بالكفر وتغيير فطرة
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»