أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٢٤٩
ويدل على أن المراد بالقصر في هذه الآية القصر من كيفيتها كما ذكرنا أن البخاري صدر باب صلاة الخوف بقوله: باب صلاة الخوف وقوله الله تعالى: * (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلواة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين) * وما ذكره ابن حجر وغيره من أن البخاري ساق الآيتين في الترجمة ليشير إلى خروج صلاة الخوف عن هيئة بقية الصلوات بالكتاب قولا وبالسنة فعلا لا ينافي ما أشرنا إليه من أنه ساق الآيتين في الترجمة لينبه على أن قصر الكيفية الوارد في أحاديث الباب هو المراد بقصر الصلاة في قوله: * (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلواة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) * ويؤيده أيضا أن قصر عددها لا يشترط فيه الخوف وقد كان صلى الله عليه وسلم يقصر هو وأصحابه في السفر وهم في غاية الأمن كما وقع في حجة الوداع وغيرها وكما قال صلى الله عليه وسلم لأهل مكة: أتموا فإنا قوم سفر وممن قال بأن المراد بالقصر في هذه الآية قصر الكيفية لا الكمية: مجاهد والضحاك والسدي نقله عنهم ابن كثير وهو قول أبي بكر الرازي الحنفي ونقل ابن جرير نحوه عن ابن عمر ولما نقل ابن كثير هذا القول عمن ذكرنا قال: واعتضدوا بما رواه الإمام مالك عن صالح بن كيسان عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في السفر والحضر فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر وقد روى هذا الحديث البخاري عن عبد الله بن يوسف التنيسي ومسلم عن يحيى بن يحيى وأبو داود عن القعنبي والنسائي عن قتيبة أربعتهم عن مالك به قالوا: فإذا كان أصل الصلاة في السفر اثنتين فكيف يكون المراد بالقصر هنا قصر الكمية؟ لأن ما هو الأصل لا يقال فيه: * (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلواة) * وأصرح من ذلك دلالة على هذا ما رواه الإمام أحمد حدثنا وكيع وسفيان
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»