أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٢٥٢
بحديث: لا تختلفوا على إمامكم وممن ذهب إلى ذلك الشعبي وطاوس وداود الظاهري وغيرهم وأما معارضته بمخالفة بعض الصحابة لها كابن عباس فجوابه ما قدمناه آنفا عن ابن كثير من أن صلاة الحضر لما زيد فيها واستقر ذلك صح أن يقال: إن فرض صلاة الحضر أربع كما قال ابن عباس وأما تضعيفه بالاضطراب فهو ظاهر السقوط؛ لأنه ليس فيه اضطراب أصلا ومعنى فرض الله وفرض رسول الله واحد؛ لأن الله هو الشارع والرسول هو المبين فإذا قيل فرض رسول الله كذا فالمراد أنه مبلغ ذلك عن الله فلا ينافي أن الله هو الذي فرض ذلك كما قال تعالى: * (من يطع الرسول فقد أطاع الله) * ونظيره حديث: إن إبراهيم حرم مكة مع حديث: إن مكة حرمها الله الحديث وأما رده بأن المغرب والصبح لم يزد فيهما فهو ظاهر السقوط أيضا؛ لأن المراد بالحديث الصلوات التي تقصر خاصة كما هو ظاهر مع أن بعض الروايات عن عائشة عند ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي قالت: فرضت صلاة السفر والحضر ركعتين ركعتين فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واطمأن زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان وتركت صلاة الفجر لطول القراءة وصلاة المغرب؛ لأنها وتر النهار وعند أحمد من طريق ابن كيسان في حديث عائشة المذكور إلا المغرب فإنها كانت ثلاثا وهذه الروايات تبين أن المراد خصوص الصلوات التي تقصر وأما رده بأنه غير مرفوع فهو ظاهر السقوط؛ لأنه مما لا مجال فيه للرأي فله حكم المرفوع ولو سلمنا أن عائشة لم تحضر فرض الصلاة فإنها يمكن أن تكون سمعت ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم في زمنها معه ولو فرضنا أنها لم تسمعه منه فهو مرسل صحابي ومراسيل الصحابة لها حكم الوصل وأما قول إمام الحرمين إنه لو ثبت لنقل متواترا فهو ظاهر السقوط؛ لأن مثل هذا لا يرد بعدم التواتر فإذا عرفت مما تقدم أن صلاة السفر فرضت ركعتين كما صح به الحديث عن عائشة وابن عباس وعمر رضي الله عنهم فاعلم أن ابن كثير بعد أن ساق الحديث عن عمر وابن عباس وعائشة قال ما نصه:
وإذا كان كذلك فيكون المراد بقوله: * (فليس عليكم جناح) * أن
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»