عنه. وإن كانت نازلة في شأن أبي جهل، حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، وعذبه وآذاه. تم تفسير سورة العلق والحمد لله رب العالمين. سورة القدر * (إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر) * يقول تعالى مبينا لفضل القرآن وعلو قدره: * (إنا أنزلناه في ليلة القدر) * وذلك أن الله تعالى، ابتدأ بإنزال القرآن في رمضان في ليلة القدر، ورحم الله بها العباد رحمة عامة، لا يقدر العباد لها شكرا. وسميت ليلة القدر، لعظم قدرها، وفضلها عند الله، ولأنه يقدر فيها ما يكون في العام من الأجل والأرزاق، والمقادير القدرية. ثم فخم شأنها، وعظم مقدارها، فقال: * (وما أدراك ما ليلة القدر) *، أي: فإن شأنها جليل، وخطرها عظيم. * (ليلة القدر خير من ألف شهر) *، أي: تعادل في فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر، خالية منها. وهذا مما تتحير فيه الألباب، وتندهش له العقول، حيث من تعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى، بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمر عمرا طويلا، نيفا وثمانين سنة. * (تنزل الملائكة والروح فيها) *، أي: يكثر نزولهم فيها * (من كل أمر سلام هي) *، أي: سالمة من كل آفة وشر، وذلك لكثرة خيرها. * (حتى مطلع الفجر) *، أي: مبتداها من غروب الشمس، ومنتهاها طلوع الفجر. وقد تواترت الأحاديث في فضلها، وأنها في رمضان، وفي العشر الأواخر منه، خصوصا في أوتاره، وهي باقية في كل سنة إلى قيام الساعة. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف، ويكثر من التعبد في العشر الأواخر من رمضان، رجاء ليلة القدر، والله أعلم. تم تفسير سورة القدر بعون لله. سورة البينة * (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة * رسول من الله يتلو صحفا مطهرة * فيها كتب قيمة * وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جآءتهم البينة * ومآ أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفآء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة * إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيهآ أول ئك هم شر البرية * إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أول ئك هم خير البرية * جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيهآ أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه) * يقول تعالى: * (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب) *، أي: من اليهود والنصارى * (والمشركين) * من سائر أصناف الأمم. * (منفكين) * عن كفرهم وضلالهم، الذي هم عليه، أي: لا يزالون في غيهم وضلالهم، لا يزيدهم مرور الأوقات إلا كفرا. * (حتى تأتيهم البينة) * الواضحة، والبرهان الساطع، ثم فسر تلك البينة فقال: * (رسول من الله) *، أي: أرسله الله، يدعو الناس إلى الحق، وأنزل عليه كتابا يتلوه، ليعلم الناس الحكمة، ويزكيهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ولهذا قال: * (يتلو صحفا مطهرة) *، أي: محفوظة من قربان الشياطين، لا يمسها إلا المطهرون، لأنها أعلى ما يكون من الكلام. ولهذا قال عنها: * (فيها) *، أي: في تلك الصحف * (كتب قيمة) *، أي: أخبار صادقة، وأوامر عادلة تهدي إلى الحق، وإلى صراط مستقيم. فإذا جاءتهم هذه البينة، فحينئذ يتبين طالب الحق، ممن ليس له مقصد في طلبه، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة. وإذا لم يؤمن أهل الكتاب بهذا الرسول، وينقادوا له، فليس ذلك ببدع من ضلالهم وعنادهم، فإنهم ما تفرقوا واختلفوا، وصاروا أحزابا * (إلا من بعد ما جاءتهم البينة) *، التي توجب لأهلها الاجتماع والاتفاق. ولكنهم لرداءتهم ونذالتهم، لم يزدهم الهدى إلا ضلالا، ولا البصيرة إلا عمى، مع أن الكتب كلها، جاءت بأصل واحد، ودين واحد. * (وما أمروا) * في سائر الشرائع * (إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) *، أي:
(٩٣١)