: * (وما للظالمين من أنصار) * (271) * (إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير) * يخبر تعالى أنه مهما أنفق المنفقون أو تصدق المتصدقون أو نذر الناذرون فإن الله يعلم ذلك ومضمون الإخبار بعلمه يدل على الجزاء وأن الله لا يضيع عنده مثقال ذرة ويعلم ما صدرت عنه من نيات صالحة أو سيئة وأن الظالمين الذين يمنعون ما أوجب الله عليهم أو يقتحمون ما حرم عليهم ليس من دونهم أنصار ينصرونهم ويمنعونهم وأنه لا بد: * (إن تقع بهم العقوبات وأخبر أن الصدقة إن أبداها المتصدق فهي خير وإن أخفاها وسلمها للفقير كان أفضل لأن الإخفاء على الفقير إحسان آخر وأيضا فإنه يدل على قوة الإخلاص وأحد السبعة الذين يظلهم الله * (في ظله من تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه وفي قوله * (وإن تخفوها) * * (وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) * فائدة لطيفة وهو أن إخفاءها خير من إظهارها إذا أعطيت الفقير فأما إذا صرفت في مشروع خيري لم يكن في الآية ما يدل على فضيلة إخفائها بل هنا قواعد الشرع تدل على مراعاة المصلحة فربما كان الإظهار خيرا لحصول الأسوة والاقتداء وتنشيط النفوس) * على أعمال الخير وقوله: * (ويكفر عنكم من سيئاتكم) * في هذا أن الصدقات يجتمع فيها الأمران حصول الخير وهو كثرة الحسنات والثواب والأجر ودفع الشر والبلاء الدنيوي والأخروي بتكفير السيئات * (والله بما تعملون خبير) * فيجازي كلا بعمله بحسب حكمته (272 - 274) * (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون أي إنما عليك أيها الرسول البلاغ وحث الناس على الخير وزجرهم عن الشر وأما الهداية فبيد الله تعالى ويخبر عن المؤمنين حقا أنهم لا ينفقون إلا لطلب مرضاة ربهم واحتساب ثوابه لأن إيمانهم يدعوهم إلى ذلك فهذا خير وتزكية للمؤمنين ويتضمن التذكير لهم بالإخلاص وكرر علمه تعالى بنفقاتهم لإعلامهم أنه لا يضيع عنده مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما * للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم يعني أنه ينبغي أن تتحروا بصدقاتكم الفقراء الذين حبسوا أنفسهم في سبيل الله وعلى طاعته وليس لهم إرادة في الاكتساب أوليس لهم قدرة عليه وهم يتعففون إذا رآهم الجاهل ظن أنهم أغنياء لا يسألون الناس إلحافا فهم لا يسألون بالكلية وإن سألوا اضطرارا لم يلحفوا في السؤال فهذا الصنف من الفقراء أفضل ما وضعت فيهم النفقات لدفع حاجتهم وإعانة لهم على مقصدهم وطريق الخير وشكرا لهم على ما اتصفوا به من الصبر والنظر إلى الخالق لا إلى الخلق * الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * ومع ذلك فالإنفاق في طرق الإحسان وعلى المحاويج حيثما كانوا فإنه خير وأجر وثواب عند الله ولهذا قال تعالى: * (الذين ينفقون أموالهم * (بالليل والنهار سرا وعلانية الآية فإن الله يظلهم بظله يوم لا ظل إلا ظله وإن الله ينيلهم الخيرات ويدفع عنهم الأحزان والمخاوف والكريهات وقوله فلهم أجرهم عند ربهم) * أي: كل أحد منهم بحسب حاله وتخصيص ذلك بأنه عند ربهم يدل على شرف هذه الحال ووقوعها في الموقع الأكبر كما في الحديث الصحيح إن العبد ليتصدق بالتمرة من كسب يده فيتقبلها الجبار بيده فيريبها لأحدكم كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل العظيم: (275 - 281) * (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون * يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم * إن الذين آمنوا وعملوا
(١١٦)