أن من قرأ هاتين الآيتين في ليلته كفتاه أي من جميع الشرور وذلك لما احتوتا عليه من المعاني الجليلة فإن الله أمر في أول هذه السورة الناس بالإيمان بجميع أصوله في قوله قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا الآية وأخبر في هذه الآية أن الرسول صلى الله عليه وسلم 1 ومن معه من المؤمنين آمنوا بهذه الأصول العظيمة وبجميع الرسل وجميع الكتب ولم يصنعوا صنيع من آمن ببعض وكفر ببعض كحالة المنحرفين من أهل الأديان المنحرفة وفي قرن المؤمنين بالرسول صلى الله عليه وسلم والإخبار عنهم جميعا بخبر واحد شرف عظيم للمؤمنين وفيه أنه صلى الله عليه وسلم مشارك للأمة في الخطاب الشرعي له وقيامه التام به وأنه فاق المؤمنين بل فاق جميع المرسلين في القيام بالإيمان وحقوقه وقوله وقالوا سمعنا وأطعنا هذا التزام من المؤمنين عام لجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة وأنهم سمعوه سماع قبول وإذعان وانقياد ومضمون ذلك تضرعهم إلى الله في طلب الإعانة على القيام به وأن الله يغفر لهم ما قصروا فيه من الواجبات وما ارتكبوه من المحرمات وكذلك تضرعوا إلى الله في هذه الأدعية النافعة والله تعالى قد أجاب دعاءهم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فقال قد فعلت فهذه الدعوات مقبولة من مجموع المؤمنين قطعا ومن أفرادهم إذا لم يمنع من ذلك مانع في الأفراد وذلك أن الله رفع عنهم المؤاخذة في الخطأ والنسيان وأن الله سهل عليهم شرعه غاية التسهيل ولم يحملهم من المشاق والآصار والأغلال ما حمله على من قبلهم ولم يحملهم فوق طاقتهم وقد غفر لهم ورحمهم ونصرهم عى القوم الكافرين فنسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته وبما من به علينا من التزام دينه أن يحقق لنا ذلك وأن ينجز لنا ما وعدنا على لسان نبيه وأن يصلح أحوال المؤمنين ويؤخذ من هنا قاعدة التيسير ونفي الحرج في أمور الدين كلها وقاعدة العفو عن النسيان والخطأ في العبادات وفي حقوق الله تعالى وكذلك في حقوق الخلق من جهة رفع المأثم وتوجه الذم وأما وجوب ضمان المتلفات خطأ أو نسيانا في النفوس والأموال فإنه مرتب على الإتلاف بغير حق وذلك شامل لحالة الخطأ والنسيان والعمد تم تفسير سورة البقرة ولله الحمد والثناء وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم سورة آل عمران ألم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم * نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل * من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام * إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء * هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم) * ألم من الحروف التي لا يعلم معناها إلا الله فأخبر تعالى أنه الحي كامل الحياة * (القيوم) * القائم بنفسه المقيم لأحوال خلقه وقد أقام أحوالهم الدينية وأحوالهم الدنيوية والقدرية فأنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم الكتاب بالحق الذي لا ريب فيه وهو مشتمل على الحق * (مصدقا لما بين يديه) * من الكتب أي شهد بما شهدت به ووافقها وصدق من جاء بها من المرسلين وكذلك أنزل التوراة) * * (والإنجيل) * * (من قبل) * هذا الكتاب * (هدى للناس) * وأكمل الرسالة وختمها بمحمد صلى الله عليه وسلم وكتابه العظيم الذي هدى الله به الخلق من الضلالات واستنقذهم به من الجهالات وفرق به بين الحق والباطل والسعادة والشقاوة والصراط المستقيم وطرق الجحيم فالذين آمنوا به واهتدوا حصل لهم به الخير الكثير والثواب العاجل والآجل و * (إن الذين كفروا بآيات الله) * التي بينها في كتابه وعلى لسان رسوله * (لهم عذاب شديد) * * (والله عزيز) * * (ذو انتقام) * ممن عصاه ومن تمام قيوميته تعالى * (إن علمه محيط بالخلائق لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء) * حتى ما في بطون الحوامل فهو
(١٢١)