تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣٠ - الصفحة ٨١
عطية أو لأنهم يعطونها بها قبل لكن مع حساب فوق حساب المتقين ودون حساب الكافرين ويكون قوله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا من وصف الكل بوصف البعض وقيل إنهم يعطونها بالشمال وتمييز الكفرة بكون الإعطاء من وراء ظهورهم ولعل ذلك لأن مؤتي الكتب لا يتحملون مشاهدة وجوههم لكمال بشاعتها أو لغاية بغضهم إياهم أو لأنهم نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم.
* (فسوف يدعو ثبورا) * * (فسوف يدعوا ثبورا) * يطلبه ويناديه ويقول يا ثبوراه تعالى فهذا أو أنك والثبور الهلاك وهو جامع لأنواع المكاره.
* (ويصلى سعيرا) * * (ويصلى سعيرا) * يقاسي حرها أو يدخلها وقرأ أكثر السبعة وعمر بن عبد العزيز وأبو الشعثاء والحسن والأعرج يصلي بضم الياء وفتح الصاد واللام مشددة من التصلية لقوله تعالى وتصلية جحيم وقرأ أبو الأشهب وخارجة عن نافع وأبان عن عاصم والعتكي وجماعة عن أبي عمرو يصلي بضم الياء ساكن الصاد مخفف اللام مبنيا للمفعول من الأصلاء لقوله تعالى: * (ونصله جهنم) *.
* (إنه كان فىأهله مسرورا) * * (إنه كان في أهله) * في الدنيا * (مسرورا) * فرحا بطرا مترفا لا يخطر بباله أمور الآخرة ولا يتفكر في العواقب ولم يكن حزينا متفكرا في حاله ومآله كسنة الصلحاء والمتقين والجملة استئناف لبيان علة ما قبلها وقوله تعالى:
* (إنه ظن أن لن يحور) * * (إنه ظن أن لن يحور) * تعليل لسروره في الدنيا أي ظن أن لن يرجع إلى الله تعالى تكذيبا للمعاد وقيل ظن أن لن يرجع إلى العدم أي ظن أنه لا يموت وكان غافلا عن الموت غير مستعد له وليس بشيء والحور الرجوع مطلقا ومنه قول الشاعر: وما المرء إلا كالشهاب وضوئه * يحور رمادا بعد إذ هو ساطع والتقييد هنا بقرينة المقام وإن مخففة من الثقيلة سادة ما في حيزها مسد مفعولي الظن على المشهور.
* (بلى إن ربه كان به بصيرا) * * (بلى) * إيجاب لما بعد لن وقوله تعالى: * (إن ربه كان به بصيرا) * تحقيق وتعليل له أي بلى يحور البتة أن ربه عز وجل الذي خلقه كان به وبأعماله الموجبة للجزاء بصيرا بحيث لا تخفى عليه سبحانه منها خافية فلا بد من رجعه وحسابه ومجازاته.
* (فلا أقسم بالشفق) * * (فلا أقسم بالشفق) * هي الحمرة التي تشاهد في أفق المغرب بعد الغروب وأصله من رقة الشيء يقال شيء شفق أي لا يتماسك لرقته ومنه أشفق عليه رق قلبه والشفقة من الإشفاق وكذلك الشفق قال الشاعر: تهوى حياتي وأهوى موتها شفقا * والموت أكرم نزال على الحرم وقيل البياض الذي يلي تلك الحمرة ويرى بعد سقوطها وفي تسمية ذلك شفقا خلاف فالجمهور على أنه لا يسمى به وأبو هريرة وعمر بن عبد العزيز وأبوحنيفة رضي الله تعالى عنهم على أنه يسمى وروى أسد بن عمرو عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه أنه رجع عن ذلك إلى ما عليه الجمهور وتمام الكلام عليه في " شروح الهداية " وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وعكرمة أنه هنا النهار كله. وروى ذلك عن الضحاك وابن أبي نجيح وكأنه شجعهم على ذلك عطف الليل عليه وعن عكرمة أيضا أنه ما بقي من النهار والفاء في جواب شرط مقدر أي إذا عرفت هذا أو إذا تحقق الحور بالبعث فلا أقسم بالشفق.
* (واليل وما وسق) * * (والليل وما وسق) * وما ضم وجمع يقال وسقه فاتسق واستوسق أي جمعه فاجتمع ويقال طعام موسوق أي مجموع وابل مستوسقة أي مجتمعة قال الشاعر: إن لنا قلائصا حقائقا * مستوسقات لم يجدن سائقا ومنه الوصق الأصواع المجتمعة وهي ستون صاعا أوحمل بعير لاجتماعه على ظهره وما تحتمل المصدرية والموصولة والجمهور على الثاني والعائد محذوف أي والذي وسقه والمراد به ما يجتمع بالليل ويأي إلى مكانه من الدواب وغيرها
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»