تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣٠ - الصفحة ٧٨
في سرورهم لما فيه من تعظيمهم والاستخفاف بأعدائهم والجملة الاستفهامية حينئذ معمولة لقول محذوف وقع حالا من ضمير يضحكون أو من ضمير ينظرون أي يضحكون أو ينظرون مقولا لهم هل ثوب الخ ولم يتعرض لذلك الجمهور وفي " البحر " الاستفهام لتقرير المؤمنين والمعنى قد جوزي الكفار ما كانوا الخ وقيل هل ثوب متعلق بينظرون والجملة في موضع نصب به بعد إسقاط حرف الجر الذي هو إلى انتهى وما مصدرية أو موصولة والعائد محذوف أي يفعلونه والكلام بتقدير مضاف أي ثواب أو جزاء ما كانوا الخ وقيل هو بتقدير باء السببية أي هل ثوب الكفار بما كانوا وقرأ النحويان وحمزة وابن محيصن بإدغام اللام في الثاء والله تعالى أعلم.
سورة الانشقاق ويقال سورة انشقت وهي مكية بلا خلاف وآيها ثلاث وعشرون آية في البصرى والشامي وخمس وعشرون في غيرهما ووجه مناسبتها لما قبلها يعلم مما نقلناه عن الجلال السيوطي فيما قبل وأوجز بعضهم في بيان وجه ترتيب هذه السور الثلاث فقال إن في انفطرت التعريف بالحفظة الكاتبين وفي المطففين مقر كتبهم وفي هذه عرضها في القيامة.
* (إذا السمآء انشقت) * * (إذا السماء انشقت) * أي بالغمام كما روى عن ابن عباس وذهب إليه الفراء والزجاج كما في " البحر " ويشهد له قوله تعالى: * (ويوم تشقق السماء) * بالغمام فالقرآن يفسر بعضه بعضا وقيل تنشق لهول يوم القيامة لقوله تعالى: * (وانشقت السماء فهي يومئذ واهية) * وبحث فيه بأنه لا ينافي أن يكون الانشقاق بالغمام وأخرج ابن أبي حاتم عن علي كرم الله تعالى وجهه أنها تنشق من المجرة وفي الآثار أنها باب السماء وأهل الهيئة يقولون إنها نجوم صغار متقاربة جدا غير متميزة في الحسن ويظهر ذلك ظهورا بينا لمن نظر إليها بالارصاد ولا منافاة على ما قيل من أن المراد بكونها باب السماء أن مهبط الملائكة عليهم السلام ومصعدهم من جهتها وذلك بجامع كونها نجوما صغارا متقاربة غير متميزة في الحسن وخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل معاذا إلى أهل اليمن فقال له يا معاذ إنهم سائلوك عن المجرة فقل هي لعاب حية تحت العرش ومنه قيل إنها في " البحر " المكفوف تحت السماء لا يكاد يصح والقول المذكور لا ينبغي أن يحكي إلا لينبه على حاله وقرأ عبيد بن عقيل عن أبي عمرو وانشقت وكذا مابعد من نظائره بإشمام التاء كسرا في الوقف وحكى عنه أيضا الكسر أبو عبيد الله بن خالويه وذلك لغة طيء على ما قيل وعن أبي حاتم سمعت أعرابيا فصيحا في بلاد قيس يكسر هذه لتاء أي تاء التأنيث اللاحقة للفعل وهي لغة ولعل ذلك لأن الفواصل قد تجري مجرى القوافي فكما أن هذه التاء تكسر في القوافي كما في قول كثير عزة من قصيدة: وما أنا بالداعي لعزة بالردي * ولا شامت إن قيل عزة ذلت إلى غير ذلك من أبيات تلك القصيدة تكسر في الفواصل وإجراء الفواصل في الوقف مجرى القوافي مهيع معروف كقوله تعالى: * (الظنونا) * و * (الرسولا) * في سورة الأحزاب وحمل الوصل على حالة الوقف موجود أيضا في الفواصل.
* (وأذنت لربها وحقت) * * (وأذنت لربها) * أي استمعت له تعالى يقال أذن إذا سمع قال الشاعر: صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به * وإن ذكرت بشر عندهم أذنوا وقال قعنب: إن يأذنوا ريبة طاروا بها فرحا * وما هم أذنوا من صالح دفنوا والاستماع هنا مجاز عن الانقياد والطاعة أي انقادت لتأثير قدرته عز وجل حين تعلقت إرادته سبحانه بانشقاقه
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»