تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣٠ - الصفحة ٨٢
وعن مجاهد ما يكون فيه من خير أو شر وقيل ما ستره وغطى عليه بظلمته وقيل ما جمعه من الظلمة وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن جبير أنه قال وما وسق وما عمل فيه ومنه قوله: فيوما ترانا صالحين وتارة * تقوم بنا كالواسق المتلبب وقيل وسق بمعنى طرد أي وما طرده إلى أماكنه من الدواب وغيرها أو ما طرده من ضوء النهار ومنه الوسيقة قال في " القاموس " وهي من الإبل كالرفقة من الناس فإذا سرقت طردت معا.
* (والقمر إذا اتسق) * * (والقمر إذا اتسق) * أي اجتمع نورع وصار بدرا.
* (لتركبن طبقا عن طبق) * * (لتركبن طبقا عن طبق) * خطاب لجنس الإنسان المنادى أولا باعتبار شموله لأفراده والمراد بالكوب الملاقاة والطبق في الأصل ما طابق غيره مطلقا وخص في العرف بالحال المطابقة لغيرها ومنه قول الأقرع بن حابس. إني امرؤ قد حلبت الدهر أشطره * وساقني طبق منه إلى طبق وعن للمجاوزة وقال غير واحد هي بمعنى بعد كما في قولهم سادوك كابرا عن كابر وقوله: ما زلت أقطع منهلا عن منهل * حتى أنخت بباب عبد الواحد والمجاوزة والبعدية متقاربان والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع صفة لطبقا أو حالا من فاعل تركبن والظاهر أن نصب طبقا على أنه مفعول به أي لتلاقن حالا مجاوز لحال أو كائنة بعد حال أو مجاوزين لحال أو كائنين بعد حال كل واحدة مطابقة لأختها في الشدة والهول وجوز كون الركوب على حقيقته وتجعل الحال مركوبة مجازا وقيل نصب طبقا على التشبيه بالظرف أو الحالية وقال جمع الطبق جمع طبقة كتخم وتخمة وهي المرتبة ويقال إنه اسم جنس جمعي واحدة ذلك والمعنى لتركبن أحوالا بعد أحوال هي طبقات في الشدة بعضها أرفع من بعض وهي الموت وما بعده من مواطن القيامة وأهوالها ورجحه الطيبي فقال هذا الذي يقتضيه النظم وترتب الفاء في فلا أقسم على قوله تعالى: * (بلى إن ربه كان به بصيرا) * وفسر بعضهم الأحوال بما يكون في الدنيا من كونهم نطفة إلى الموت وما يكون في الآخرة من البعث إلى حين المستقر في إحدى الدارين وقيل يمكن أن يراد بطبقا عن طبق الموت المطابق للعدم الأصلي والإحياء المطابق للإحياء السابق فيكون الكلام قسما على البعث بعد الموت ويجري فيه ما ذكره الطيبي وأخرج نعيم بن حماد وأبو نعيم عن مكحول أنه قال في الآية تكونون في كل عشرين سنة على حال لم تكونوا على مثلها وفي رواية ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في كل عشرين عاما تحدثون أمرا لم تكونوا عليه فالطبق بمعنى عشرين عاما وقد عد ذلك في " القاموس " من جملة معانيه وما ذكر بيان للمعنى المراد وقيل الطبق هنا القرن من الناس مثله في قول العباس بن عبد المطلب يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنت لما ولدت أشرقت الأر * ض وضاءت بنورك الأفق تنقل من صالب إلى رحم * إذا مضى عالم بدا طبق وإن المعنى لتركبن سنن من مضى قبلكم قرنا بعد قرن وكلا القولين خلاف الظاهر وقرأ عمر وابن مسعود وابن عباس ومجاهد والأسود وابن جبير ومسروق والشعبي وأبو العالية وابن وثاب وطلحة وعيسى والأخوان وابن كثير * (لتركبن) * بتاء الخطاب وفتح الباء وروى عن ابن عباس وابن مسعود أنهما أيضا كسرا تاء المضارعة وهي لغة بني تميم على أنه خطاب للإنسان أيضا لكن باعتبار اللفظ لا باعتبار الشمول وأخرج البخاري عن ابن عباس أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم روى عن جماعة وكأن من ذهب إلى أنه عليه الصلاة والسلام هو المراد بالإنسان فيما تقدم يذهب إليه وعليه يراد لتركبن أحوالا شريفة بعد
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»