تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣٠ - الصفحة ٧٣
الإمام أحمد والترمذي والحاكم وصححاه والنسائي وابن ماجه وابن حبان وغيرهم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن العبد إذا أذنب ذنبا نكتت في قلبه نكتة سوداء فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه وإن عاد زادت حتى تعلو قلبه فذلك الران الذي ذكر الله تعالى في القرآن كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون وأخرج ابن المنذر وغيره عن مجاهد أنه قال كانوا يرون أن الرين هو الطبع وذكروا له أسبابا وفي حديث أخرجه عبد بن حميد من طريق خليد بن الحكم عن أبي المجبر أنه عليه الصلاة والسلام قال أربع خصال مفسدة للقلوب مجاراة الأحمق فإن جاريته كنت مثله وإن سكت عنه سلمت منه وكثرة الذنوب مفسدة للقلوب وقد قال الله تعالى بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون والخلوة بالنساء والاستمتاع بهن والعمل برأيهن ومجالسة الموتى قيل يا رسول الله من هم قال كل غني قد أبطره غناه وقرىء بإذغام اللام في الراء وقال أبو جعفر بن الباذش أجمهوا يعني القراء على إدغام اللام في الراء إلا ما كان من وقف حفص على بل وقفا خفيفا يسيرا لتبيين الإطهار وليس كما قال من الإجماع ففي " اللوامح " عن قالون من جميع طرقه إظهار اللام عند الراء نحو قوله تعالى: * (بل رفعه الله إليه) * بل ربكم وفي كتاب ابن عطية وقرأ نافع بل ران غير مدغم وفيه أيضا وقرأ نافع أيضا بالإذغام والإمالة وقال سيبويه في اللام مع الراء نحو أشغل رحمه البيان والإدغام حسنان وقال أيضا فإذا كانت يعني اللام غير لام التعريف نحو لام هل وبل فإن الإدغام أحسن فإن لم تدغم فهي لغة لأهل الحجاز وهي عربية جائزة وفي " الكشاف " قرىء بادغام اللام في الراء وبالإظهار والإدغام أجود وأميلت الألف وفحمت فليحفظ.
* (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) * * (كلا) * ردع وزجر عن الكسب الرائن أو بمعنى حقا * (إنهم) * أي هؤلاء المكذبين * (عن ربهم يومئذ لمحجوبون) * لا يرونه سبحانه وهو عز وجل حاضر ناظر لهم بخلاف المؤمنين فالحجاب مجاز عن عدم الرؤية لأن المحجوب لا يرى ما حجب أو الحجب المنع والكلام على حذف مضاف أي عن رؤية ربهم لممنوعون فلا يرونه سبحانه واحتج بالآية مالك على رؤية المؤمنين له تعالى من جهة دليل الخطاب وإلا فلو حجب الكل لما أغنى هذا التخصيص وقال الشافعي لما حجب سبحانه قوما بالسخط دل على أن قوما يرونه بالرضا وقال أنس بن مالك لما حجب عز وجل أعداءه سبحانه فلم يروه تجلى جل شأنه لأوليائه حتى رأوه عز وجل ومن أنكر رؤيته تعالى كالمعتزلة قال إن الكلام تمثيل للاستخفاف بهم وإهانتهم لأنه لا يؤذن على الملوك إلا للوجهاء المكرمين لديهم ولا يحجب عنهم إلا الأدنياء المهانون عندهم كما قال: إذا اعتروا باب ذي عبية رجبوا * والناس من بين مرجوب ومحجوب أو هو بتقدير مضاف أي عن رحمة ربهم مثلا لمحجوبون وعن ابن عباس وقتادة ومجاهد تقدير ذلك وعن ابن كيسان تقدير الكرامة لكنهم أرادوا عموم المقدر لرؤية وغيرها من ألطافه تعالى والجار والمجرور متعلق بمحجوبون وهو العامل في يومئذ والتنوين فيه تنوين عوض والمعوض عنه هنا يقوم الناس السابق كأنه قيل إنهم لمحجوبون عن ربهم يوم إذ يقوم الناس لرب العالمين.
* (ثم إنهم لصالوا الجحيم) * * (ثم إنهم لصالوا الجحيم) * مقاسو حرها على ما قال الخليل وقيل داخلون فيها وثم قيل لتراخي الرتبة لكن بناء على ما عندهم فإن صلى الجحيم عندهم أشد من حجابهم عن ربهم عز وجل وأما عند المؤمنين لا سيما الوالهين به سبحانه منهم فإن الحجاب عذاب لا يدانيه عذاب.
* (ثم يقال ه‍اذا الذى كنتم به تكذبون) * * (ثم يقال) * لهم تقريعا وتوبيخا من جهة الخزنة أو أهل الجنة * (هذا الذي كنتم به تكذبون) *
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»