تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣٠ - الصفحة ٢٤٤
على ذات فالاستخبار عن حال المكذبين وحال الداعين أحسن هو أم قبيح على قياس ما مر وتعقبه في الكشف بأنه لا يلائم المقام رجوع الضمير إلى الطائفتين حتى يوضع موضع المصلين فافهم وقرأ ابن إسحق والأشهب يرؤون بالقصر وتشديد الهمزة وفي رواية أخرى عن ابن إسحق أنه قرأ بالقصر وترك التشديد والله تعالى أعلم.
سورة الكوثر وتسمى كما قال البقاعي سورة النحر. وهي مكية في قول ابن عباس والكلبي ومقاتل ونسب في " البحر " إلى الجمهور مدنية في قول الحسن وعكرمة وقتادة ومجاهد وفي الاتقان أنه الصواب ورجحه النووي عليه الرحمة في شرح صحيح مسلم لما أخرج الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في " سننه " وغيرهم عن أنس بن مالك قال أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة فرفع رأسه متبسما فقال إنه أنزل علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم * (إنا أعطيناك الكوثر) * حتى ختمها الحديث. وفي أخبار سبب النزول ما يقتضي كلا من القولين وستسمع بعضا منها إن شاء الله تعالى ومن هنا استشكل أمرها وذكر الخفاجي أن لبعضهم تأليفا صحح فيه أنها نزلت مرتين وحينئذ فلا إشكال. وآيها ثلاث بلا خلاف وليس في القرآن كما أخرج البيهقي عن ابن شبرمة سورة آيها أقل من ذلك بل قد صرحوا بأنها أقصر سورة في القرآن وقال الإمام هي كالمقابلة للتي قبلها لأن السابقة وصف الله تعالى فيها المنافق بأربعة أمور البخل وترك الصلاة والرياء ومنع الزكاة فذكر عز وجل في هذه السورة في مقابلة البخل * (إنا أعطيناك الكوثر) * أي الخير الكثير وفي مقابلة ترك الصلاة فصل أي دم على الصلاة وفي مقابلة الرياء لربك أي لرضاه لا للناس وفي مقابلة منع الماعون وانحر وأراد به سبحانه التصدق بلحوم الأضاحي ثم قال فاعتبر هذه المناسبة العجيبة انتهى فلا تغفل.
* (إنآ أعطين‍اك الكوثر) * * (إنا أعطيناك) * وقرأ الحسن وطلحة وابن محيصن والزعفراني أنطيناك بالنون وهي على ما قال التبريزي لغة العرب العرباء من أولى قريش وذكر غيره أنها لغة بني تميم وأهل اليمن وليست من الإبدال الصناعي في شيء ومن كلامه صلى الله عليه وسلم اليد العليا المنطية واليد السفلى المنطاة وكتب عليه الصلاة والسلام لوائل أنطوا الثيجة أي الوسط في الصدقة * (الكوثر) * فيه أقوال كثيرة فذهب أكثر المفسرين إلى أنه نهر في الجنة لقوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث المتقدم آنفا المروي عن الإمام أحمد ومسلم ومن معهما هل تدرون ما الكوثر قالوا الله تعالى ورسوله أعلم قال هو نهر أعطانيه ربي في الجنة عليه خير كثير ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد الكواكب يختلج العبد منهم فأقول يا رب إنه من أمتي فيقال إنك لا تدري ما أحدث بعدك وقوله عليه الصلاة والسلام على ما أخرجه الإمام أحمد والشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجه وآخرون عن أنس عنه صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فإذا أنا بنهر حافتاه خيام اللؤلؤ فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء فإذا مسك إذ فر قلت ما هذا يا جبريل قال هذا الكوثر الذي أعطاكه الله تعالى وجاء في حديث عن أنس أيضا قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قد أعطيت الكوثر قلت يا رسول الله وما الكوثر قال نهر في الجنة عرضه وطوله ما بين المشرق والمغرب لا يشرب منه أحد فيظمأ ولا يتوضأ منه أحد فيشعث أبدا لا يشرب منه من أخفر ذمتي ولا من قتل أهل بيتي وروى عن عائشة أنها قالت هو نهر في الجنة عمقه سبعون ألف فرسخ ماؤه أشد بياضا
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»