* (إن كذب) * الخ وفي الإتيان بالجملة الأخيرة من دون العطف ترشيح للكلام المبكت وتنبيه على حقية الشرط ولهذا صرح بجوابه ليتمحض وعيدا والخطاب على ما تقدم أولا والكلام من قبيل الكلام المنصف وإرخاء لعنان ولذا قيل عبدا ولم يقل نبيا مجتبى فكأنه قيل أخبرني يا من له أدنى تمييز عن حال هذا الذي ينهى بعض عباد الله تعالى فضلا عن النبي المجتبى عن صلاته إن كان ذلك الناهي على هدى فيما ينهى عنه من عبادة الله تعالى أو كان آمرا بالتقوى فيما يأمر به من عبادة الأصنام كما يزعم وكذلك إن كان على التكذيب للحق والتولي عن الدين الصحيح كما تقول: * (ألم يعلم) * الخ وقيل أرأيت في الجملتين الثانية والثالثة تكرار للأولى والشرطيتان بجوابهما سادتان مسد المفعول الثاني للأولى و * (ألم يعلم) * الخ جواب الشرط الثاني وجواب الأول محذوف لدلالته عليه ولم يقل أو * (إن كذب) * الخ لأنه ليس بقسيم لما قبله على ما قيل والمعنى على نحو ما سمعت وأورد على جميع هذه الأقوال إن في تجويز الإتيان بالاستفهام في جزاء الشرط من غير الفاء وإن صرح له الزمخشري في كشافه وارتضاه الرضي واستشهد له بقوله تعالى: قل أرأيتم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون بحثا لأن ظاهر نقل الزمخشري نفسه في المفصل ونقل غيره وجوب الفاء إذا كان الجزاء جملة إنشائية والاستفهام وإن لم يبق على الحقيقة لم يخرج على ما في " الكشف " من الإنشاء وقال أبو حيان إن وقوع جملة الاستفهام جوابا للشرط بغير فاء لا أعلم أحد أجازه بل نصوا على وجوب الفاء في كل ما اقتضى طلبا بوجه ما ولا يجوز حذفها إلا في ضرورة أو شعر وقال الدماميني في شرح التسهيل إن جعل هل يهلك جزاء مشكل لعدم اقترانه بالفاء والاقتران بها في مثل ذلك واجب واعترض أيضا جعل الجملة الشرطية في موضع المفعول الثاني لا رأيت بأن مفعولها الثاني لا يكون إلا جملة استفهامية كمانص عليه أبو حيان وجماعة أو قسمية كما في " الإرشاد " وقال الخفاجي إن جعل الشرطية في موقع المفعول والجملة الاستفهامية في موقع جواب الشرط إما على ظاهره أو على أنهما لدلالتهما على ذلك جعلا كأنهما كذلك لسدهما مسد المفعول والجواب وبما ذكر صرح الرضي والدماميني في شرح التسهيل في باب اسم الإشارة فما قيل من أن المفعول الثاني لا رأيت لا يكون إلا جملة استفهامية مخالف لما صرحوا بأنه مختار سيبويه فلا يلتفت إليه ولم يجعلوا فيما ذكر الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولا للكافر الناهي لأن السياق مقتض لخروج الناهي والمنهي عن مورد الخطاب واستظهر في " البحر " جعله للنبي صلى الله عليه وسلم وجوز غيره جعله للكافر والمراد تصوير الحال بعنوان كلي وهو كما ترى وقيل الضميران في أن كان وأمر للعبد المصلي والضمائر في كذب وتولى ويعلم للذي ينهى وحاصل المعنى على ما قال الفراء أرأيت الذي ينهى عبدا يصلي والمنهي على الهدى وأمر بالتقوى والناهي مكذب متول فما أعجب من ذا والظاهر أن جواب الشرط عليه محذوف وهو فما أعجب من ذا بقرينة أرأيت فإنه يفيد التعجب والرؤية فيه قيل علمية والمفعول الثاني محذوف نحو هذا الجواب وقيل بصرية و * (ألم يعلم) * الخ جملة مستأنفة لتقرير ما قبلها وتأكيده وأو تقسيمية بمعنى الواو وقيل الخطاب في أرأيت الثانية للكافر وفي الثانية للنبي صلى الله عليه وسلم فهو عز وجل كالحاكم الذي حضر الخصمان يخاطب هذا مرة والآخر أخرى وكأنه سبحانه قال يا كافر أخبرني إن كانت صلاته هدى ودعاؤه إلى الله تعالى أمر بالتقوى أتنهاه وأخبرني أيها الرسول إن كان الناهي مكذبا بالحق متوليا عن الدين الصحيح ألم يعلم بأن الله تعالى يجازيه وسكت هذا القائل عن الخطاب في أرأيت الأول فقيل لكل من يصلح له وقيل للإنسان وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم كالخطاب في الثالث وقوله أتنهاه يحتمل أنه جعله مفعولا لرأيت ويحتمل أنه جواب الشرط وأو كما في سابقه ولعل ذكر الأمر بالتقوى في الجملة الثانية لأن
(١٨٥)