* (أرأيت الذي ينهى * عبدا إذا صلى) * ذكر لبعض آثار الطغيان ووعيد عليها ولم يختلف المفسرون كما قال ابن عطية في أن العبد المصلي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم والناهي هو اللعين أبو جهل فقد أخرج أحمد ومسلم والنسائي وغيرهم عن أبي هريرة أن أبا جهل حلف باللات والعزى لئن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ليطأن على رقبته وليعفرن وجهه فأتى رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو يصلي ليفعل فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه فقيل له مالك فقال إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا وأنزل الله تعالى كلا أن الإنسان إلى آخر السورة وقول الحسن هو أمية بن خلف كان ينهى سلمان عن الصلاة لا يكاد يصح لأنه لا خلاف في أن إسلام سلمان رضي الله تعالى عنه كان بالمدينة بعد الهجرة كما أنه لا خلاف في أن السورة مكية نعم حكم الآية عام فإن كان ما حكي عن أمية واقعا فحكمها شامل له والصلاة التي أشارت إليها الآية كانت على ما حكى أبو حيان صلاة الظهر وحكي أيضا أنها كانت تصلي جماعة وهي أول جماعة أقيمت في الإسلام وأنه كان معه عليه الصلاة والسلام أبو بكر وعلي رضي الله تعالى عنهما فمر أبو طالب ومعه ابنه جعفر فقال له يا بني صل جناح ابن عمك وانصرف مسرورا وأنشأ يقول: إن عليا وجعفرا ثقتي * عند ملم الزمال والكرب والله لا أخذ النبي ولا * يخذله من يكون من حسبي لا تخذلا وانصرا ابن عمكما * أخي لأمي من بينهم وأبي وفي هذا نظر لأن الصلاة فرضت ليلة الإسراء بلا خلاف وادعى ابن حزم الإجماع على أنه كان قبل الهجرة بسنة وجزم ابن فارس بأنه كان قبلها بسنة وثلاثة أشهر وقال السدي بسنة وخمسة أشهر وموت أبي طالب كان قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين لأنه كان قبل وفاة خديجة بثلاثة وقيل بخمسة أيام وكانت وفاتها بعد البعثة بعشر سنين على الصحيح فأبو طالب على هذا لم يدرك فرضية الصلاة نعم حكى القاضي عياض عن الزهري ورجحه النووي والقرطبي أن الإسراء كان بعد البعث بخمس سنين لكن قيل عليه ما قيل فليراجع والنهي قيل بمعنى المنع وعبر به إشارة إلى عدم اقتدار اللعين على غير ذلك وفي بعض الأخبار ما ظاهره أنه حصل منه نهي لفظي فقد أخرج أحمد والترمذي وصححه وغيرهما عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فجاء أبو جهل فقال ألم أنهك عن هذا ألم أنهك عن هذا الحديث والتعبير بما يفيد الاستقبال لاستحضار الصورة الماضية لنوع غرابة والرؤية قيل قلبية وكذا في قوله تعالى:
* (أرءيت إن كان على الهدى * أو أمر بالتقوى * أرءيت إن كذب وتولى) * * (أرأيت إن كذب وتولى) * والمفعول الأول للأول الموصول وللثاني والثالث محذوف وهو ضمير يعود عليه أو اسم إشارة يشار به إليه والمفعول الثاني للثالث قوله سبحانه:
* (ألم يعلم بأن الله يرى) * * (ألم يعلم بأن الله يرى) * والأولان متوجهان إليه أيضا وهو مقدر عندهما وترك إظهاره اختصارا ونظير ذلك أخبرني عن زيدان وفدت عليه أخبرني عنه أن استخبرته أخبرني عنه إن توسلت إليه اما يوجب حقي وليس ذلك من التنازع لأن الجمل لا يصح إضمارها وإنما هو من الطلب المعنوي والحذف في غير التنازع وجواب الشرط في الجملتين محذوف لدلالة ألم يعلم عليه ويقدر حسبما تقتضيه الصناعة وقيل يدل عليه أرأيت مرادا به ما سيذكر قريبا إن شاء الله تعالى ويقدر كذلك والكلام عليه أيضا نظير ما مر آنفا والضمائر المستترة في كان وما بعد من الأفعال للناهي والمراد من أرأيت أخبرني