وحملها على ما سمعت من الأحوال مما ذهب إليه جمع وعن ابن عباس ومجاهد ما يقتضيه وإن اقتصرا على ذكر النطفة والعلقة والمضغة وقيل المراد بها الأحوال المختلفة بعد الولادة إلى الموت من الصبا والشباب والكهولة والشيوخة والقوة والضعف وقيل من الألوان والهيآت والأخلاق والملل المختلفة وقيل من الصحة والسقم وكمال الأعضاء ونقصانها والغنى والفقر ونحوها هذا وقيل الرجاء بمعنى الأمل كما هو الأصل المعروف فيه والوقار بمعنى التوقير كالسلام بمعنى التسليم وأريد به التعظيم ولله بيان للموقر المعظم فهو خبر مبتدأ محذوف أي إرادتي لله أو متعلق بمحذوف يفسره المذكور أي وقارا لله ولم يعلق بالمذكور بناء على ما صحح على ما فيه من أن معمول المصدر مطلقا لا يتقدم عليه ولو تأخر لكان صلة له على ما في " الكشاف " وفيه أن المعنى ما لكم لا تكونون على حال تأملون فيها تعظيم الله تعالى إياكم في دار الثواب وحاصله ما لكم لا ترجون إن توقروا وتعظموا على البناء للمفعول فكأنه قيل لمن التوقير أي من الذي يعظمنا ويختص به إعظامه إيانا فقيل لله وفسره بقوله على حال الخ إشارة إلى أنه ينعي عليهم اغترارهم كأنه قيل ما لكم مغترين غير راجين. وجعل الحث على الرجاء كناية عن الحث على الإيمان والعمل الصالح لاقتضائه انعقاد الأسباب بخلاف الغرور وهي كناية إيمائية إذ لا واسطة ولو جعلت رمزية لخفاء الفرق بين الرجاء والغرور على الأكثر لكان وجها قاله في " الكشف " وتعقب ذلك مفتي الديار الرومية عليه الرحمة بأن عدم رجاء الكفرة لتعظيم الله تعالى إياهم في دار الثواب ليس في حيز الاستبعاد والإنكار مع أن في جعل الوقار بمعنى التوقير من التعسف وفي جعل لله بيانا للموقر ودعوى أنه لو تأخر لكان صلة للوقار من التناقض ما لا يخفى فإن كونه بيانا للموقر يقتضي أن يكون التوقير صادرا عنه تعالى والوقار وصفا للمخاطبين وكونه صلة للوقار يوجب كون التوقير صادرا عنهم والوقار وصفا له عز وجل انتهى وأجيب عن أمر التناقض بأنك إذا قلت ضرب لزيد جاز أن يكون زيد فاعلا وأن يكون مفعولا وكفى شاهدا صحة الإضافتين فعند التأخر يحتمل أن يكون الوقار بمعنى التوقير صادرا منه تعالى فيكون الوقار وصفا للمخاطبين ويحتمل أن يكون متعلقا به فيكون التوقير صادرا عنهم والوقار وصفا له تعالى غاية ما في الباب أنه لما قدم لله وامتنع تعلقه بالمصدر المتأخر صار بيانا وعينت القرينة إرادة صدور التوقير عنه عز وجل وأين هذا من التناقض نعم يبقى الكلام في القرينة ولعلها السياق بناء على أن القوم استبعدوا أن يقبلوا ويلطف الله تعالى بهم إن هم تركوا باطلهم فيكون هذا من تتمة إزالة الشبهة فيما سمعت من قولهم كيف يقبلنا ويلطف بنا الخ ويعلم من هذا الجواب عن قوله إن عدم رجاء الكفرة لتعظيم الله تعالى ليس في حيز الاستبعاد كما لا يخفى وعليه قيل يكون قوله تعالى وقد خلقكم إلى قوله سبحانه: * (فجاجا) * للدلالة على أنه جل شأنه لا يزال ينعم عليكم مع كفركم فكيف لا يلطف بكم ويوقركم إذا آمنتم وتفسر الأطوار بما يعتري الإنسان في أسنانه من الأمور المختلفة كالصبا والشباب والكهولة وغيرها مما يكون بعضه في حال الكفر ويصلح لأن يمتن به ويلتزم كون الإعادة في الأرض من النعم عندهم بناء على أن فيها ستر فظاعة الأبدان على أسهل وجه بعد حلول الموت الضروري في هذه النشأة والإنصاف بعد هذا كله تم أم لم يتم أن الوجه المذكور متكلف بعيد عن الظاهر بمراحل وقيل المعنى ما لكم لا تخافوا الله تعالى حلما وترك معاجلة بالعقاب فتؤمنوا فالرجاء بمعنى الخوف والوقار بمعنى الحلم حقيقة كما هو ظاهر كلام الراغب أو استعارة له لاشتراكهما في الثاني أو مجازا إذ لا يتخلف الحلم عن الوقار عادة وفي رواية عن ابن عباس تفسيره بالعاقبة حيث قال أي لا تخافون لله عاقبة وهو من الكناية حينئذ أخذا من الوقار بمعنى الثبات وعن مجاهد والضحاك أن المعنى ما لكم لا تبالون لله تعالى عظمة قال قطرب
(٧٤)