* (ويخرجكم) * منها عند البعث والحشر * (إخراجا) * محققا لا ريب فيه وعطف يعيدكم بثم لما بين الإنشاء والإعادة من الزمان المتراخي الواقع فيه التكليف الذي به استحقوا الجزاء بعد الإعادة وعطف يخرجكم بالواو دون ثم مع أن الإخراج كذلك لأن أحوال البرزخ والآخرة في حكم شيء واحد فكأنه قضية واحدة ولا يجوز أن يكون بعضها محقق الوقوع دون بعض بل لابدان تقع الجملة لا محالة وإن تأخرت عن الإبداء.
* (والله جعل لكم الارض بساطا) * * (والله جعل لكم الأرض بساطا) * تتقلبون عليها كالبساط وليس فيه دلالة على أن الأرض مبسوطة غير كرية كما في " البحر " وغيره لأن الكرة العظيمة يرى كل من عليها ما يليه مسطحا ثم إن اعتقاد الكرية أو عدمها ليس بأمر لازم في الشريعة لكن كريتها كالأمر اليقيني وإن لم تكن حقيقية ووجه توسيط لكم بين الجعل ومفعوله الصريح يعلم مما مر غير مرة.
* (لتسلكوا منها سبلا فجاجا) * * (لتسلكوا منها سبلا) * طرقا * (فجاجا) * واسعات جمع فج فهو صفة مشبهة نعت لسبلا وقال غير واحد هو اسم للطريق الواسعة وقيل اسم للمسلك بين الجبلين فيكون بدلا أو عطف بيان ومن متعلقة بما قبلها لتضمنه معنى الاتخاذ وإلا فهو يتعدى بفي أو بمضمر هو حال من سبلا أي سبلا كائنة من الأرض ولو تأخر لكان صفة لها.
* (قال نوح رب إنهم عصونى واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا) * * (قال نوح) * أعيد لفظ الحكاية لطول العهد بحكاية مناجاته لربه عز وجل أي قال عليه السلام مناجيا له تعالى شاكيا إليه عز وجل * (رب إنهم عصوني) * أي داموا على عصياني فيما أمرتهم به مع ما بالغت في إرشادهم بالعظة والتذكير * (واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا) * أي واستمروا على اتباع رؤسائهم الذين أبطرتهم أموالهم وغرتهم أولادهم وصار ذلك سببا لزيادة خسارهم في الآخرة فصاروا أسوة لهم في الخسار والظاهر أن اتباع عامتهم وسفلتهم لأولئك الرؤساء وفي وصفهم بذلك إشعار بأنهم اتبعوهم لوجاهتهم الحاصلة لهم بسبب الأموال والأولاد لا لما شاهدوا فيهم من شبهة مصححة للاتباع في الجملة وقرأ ابن الزبير والحسن والنخعي والأعرج ومجاهد والأخوان وابن كثير أبو عمرو ونافع في رواية خارجة عنه وولده بضم الواو وسكون اللام فقيل هو مفرد لغة في ولد بفتحهما كالحزن والحزن وقيل جمع له كالأسد والأسد وفي " القاموس " الولد محركة بالضم والكسر والفتح واحد وجمع وقد يجمع على أولاد وولدة والدة بكسرها وولد بالضم انتهى وقرأ بالكسر والسكون الحسن أيضا والجحدري وقتادة وذر وطلحة وابن أبي إسحاق وأبو عمرو في رواية.
* (ومكروا مكرا كبارا) * * (ومكروا) * عطف على صلة من والجمع باعتبار معناها كما أن الإفراد في الضمائر الأول باعتبار لفظها وكان فيه إشارة إلى اجتماعهم في المكر ليكون أشد وأعظم وقيل عطف على عصوني والأول أنسب لدلالته على أن المتبوعين ضموا إلى الضلال الإضلال وهو الأوفق بالسياق فإن المتبادر أن ما بعده من صفة الرؤساء أيضا واعتبار ذلك العطف على أن المعنى مكر بعضهم ببعض وقال بعضهم لبعض خلاف المتبادر * (مكرا كبارا) * أي كبيرا في الغاية فهو من صيغ المبالغة قال عيسى بن عمر هي لغة يمانية وعليها قول الشاعر: بيضاء تصطاد القلوب وتستبي * بالحسن قلب المسلم القراء وقوله: والمرء يلحقه بفتيان الندى * خلق الكريم وليس بالوضاء وقد سمع بعض الأعراب الجفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية فقال ما أفصح ربك يا محمد وإذا اعتبر التنوين في مكرا للتفخيم زاد أمر المبالغة في مكرهم أي كبيرا في الغاية وذلك احتيالهم في الدين وصدهم للناس عنه وإغراءهم وتحريضهم على أذية نوح عليه السلام وقرأ عيسى وابن محيصن وأبو السمال كبارا بتخفيف الباء وهو بناء مبالغة أيضا إلا أنها دون