عليه وسلم والمؤمنين؛ وقيل: الإشارة إلى المظنون وهو عدم انقلاب الرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين إلى أهليهم أبدا أي حسن ذلك في قلوبكم فأحببتموه والمراد من ذلك تقريعهم ببغضهم الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين والمناسب للسياق ما تقدم. وقرىء * (زين) * بالبناء للفاعل بإسناده إلى الله تعالى أو إلى الشيطان * (وظننتم ظن السوء) * وهو ظنهم السابق فتعريفه للعهد الذكرى وأعيد لتشديد التوبيخ والتسجيل عليه بالسوء أو هو عام فيشمل ذلك الظن وسائر ظنونهم الفاسدة التي من جملتها الظن بعدم رسالته عليه الصلاة والسلام فإن الجازم بصحتها لا يحوم فكره حول ما ذكر من الاستئصال فذكر ذلك للتعميم بعد التخصيص.
* (وكنتم) * في علم الله تعالى الأزلي * (قوما بورا) * أي هالكين لفساد عقيدتكم وسوء نيتكم مستوجبين سخطه تعالى وعقابه جل شأنه، وقيل: أي فاسدين في أنفسكم وقلوبكم ونياتكم لا خير فيكم، والظاهر على ما في " البحر " أن بورا في الأصل مصدر كالهلك ولذا وصف به المفرد المذكر في قول ابن الزبعرى: يا رسول المليك إن لساني * راتق ما فتقت إذ أنا بور والمؤنث حكى أبو عبيدة امرأة بور والمثنى والمجموع، وجوز أن يكون جمع بائر كحائل وحول وعائذ وعوذ وبازل وبزل، وعلى المصدرية هو مؤول باسم الفاعل، وجوز أن تكون كان بمعنى صار أي وصرتم بذلك الظن قوما هالكين مستوجبين السخط والعقاب والظاهر إبقاؤها على بابها والمضي باعتبار العلم كما أشرنا إليه، وقيل: أي كنتم قبل الظن فاسدين، وقوله تعالى:
* (ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنآ أعتدنا للكافرين سعيرا) *.
* (ومن لم يؤمن بالله ورسوله) * الخ كلام مبتدأ من جهته عز وجل غير داخل في الكلام الملقن مقرر لبوارهم ومبين لكيفيته أي ومن لم يصدق بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم كدأب هؤلاء المخلفين * (فإنا أعتدنا) * هيأنا * (للكافرين سعيرا) * نارا مسعورة موقدة ملتهبة وكان الظاهر - لهم - فعدل عنه إلى ما ذكر إيذانا بأن من لم يجمع بين الإيمان بالله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام فهو كافر وأنه مستوجب للسعير بكفره لمكان التعليق بالمشتق.
وتنكير سعير للتهويل لما فيه من الإشارة إلى أنها لا يمكن معرفتها واكتناه كنهها، وقيل: لأنها نار مخصوصة فالتنكير للتنويع و * (من) * يحتمل أن تكون موصولة وأن تكون شرطية والعائد من الخبر أو من جواب الشرط هو الظاهر القائم مقام المضمر.
* (ولله ملك السماوات والارض يغفر لمن يشآء ويعذب من يشآء وكان الله غفورا رحيما) *.
* (ولله ملك السموت والأرض) * فهو عز وجل المتصرف في الكل كما يشاء * (يغفر لمن يشاء) * أن يغفر له * (ويعذب من يشاء) * أن يعذبه من غير دخل لأحد في شيء من غفرانه تعالى وتعذيبه جل وعلا وجودا وعدما * (وكان الله غفورا رحيما) * مبالغا في المغفرة لمن يشاء ولا يشاء سبحانه إلا لمن تقتضي الحكمة المغفرة له ممن يؤمن به سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم وأما من عداه من الكافرين المجاهرين والمنافقين فهم بمعزل من ذلك قطعا وفي تقديم المغفرة والتذييل بكونه تعالى غفورا بصيغة المبالغة وضم رحيما إليه الدال على المبالغة أيضا دون التذييل بما يفيد كونه سبحانه معذبا مما يدل على سبق الرحمة ما فيه.
وفي الحديث كتب ربكم على نفسه بيده قبل أن يخلق الخلق رحمتي سبقت غضبي وهذا السبق على ما أشار إليه في أنوار التنزيل ذاتي وذلك لأن الغفران والرحمة بحسب الذات والتعذيب بالعرض وتبعيته للقضاء والعصيان المقتضى لذلك وقد صرح غير واحد بأن الخير هو المقضي بالذات والشر بالعرض إذ لا يوجد شر جزئي ألا وهو