تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٦ - الصفحة ٤٢
إليه، وقيل: هي أحمال المحارب أضيفت للحرب تجوزا في النسبة الإضافية وتغليبا لها على الكراع، وإسناد الوضع للحرب مجازي أيضا وليس بذاك. وعد بعض الأماثل الكلام تمثيلا، والمراد حتى تنقضي الحرب وقال: يجوز أن يكون إرادة ذلك من باب المجاز المتفرع على الكناية كما في قوله: فألقت عصاها واستقر بها النوى فإنه كنى به عن انقضاء السفر والإقامة، وقيل: الأوزار جمع وزر بمعنى إثم وهو هنا الشرك والمعاصي، * (وتضع) * بمعنى تترك مجازا، وإسناده للحرب مجاز أو بتقدير مضاف، والمعنى حتى يضع أهل الحرب شركهم ومعاصيهم، وفيه أنه لا يستحسن إضافة الأوزار بمعنى الآثام إلى الحرب، و * (حتى) * عند الشافعي عليه الرحمة ومن قال نحو قوله: غاية للضرب، والمعنى اضربوا أعناقهم حتى تنقضي الحرب، وليس هذا بدلا من الأول ولا تأكيدا له بناء على ما قرروه من أن حتى الداخلة على إذا الشرطية ابتدائية أو غاية للشد أو للمن والفداء معا أو للمجمع من قوله تعالى: * (فضرب الرقاب) * الخ بمعنى أن هذه الأحكام جارية فيهم حتى لا يكون حرب مع المشركين بزوال شوكتهم، وقيل: بنزول عيسى عليه السلام، وروى ذلك عن سعيد بن جبير. والحسن، وفي الحديث ما يؤيده. أخرج أحمد. والنسائي. وغيرهما عن سلمة بن نفيل قال: بينما أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل فقال: يا رسول الله إن الخيل قد سيبت ووضع السلاح وزعم أقوام أن لا قتال وإن قد وضعت الحرب أوزارها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كذبوا فالآن جاء القتال ولا تزال طائفة من أمتي يقاتلون في سبيل الله لا يضرهم من خالفهم يزيغ الله تعالى قلوب قوم ليرزقهم منهم وتقاتلون حتى تقوم الساعة ولاتزال الخيل معقودا في نواصيها الخير حتى تقوم الساعة ولا تضع الحرب أوزارها حتى يخرج يأجوج ومأجوج " وهي عند من يقول: لا من ولا فداء اليوم غاية للمن والفداء إن حمل على الحرب على حرب بدر بجعل تعريفه للعهد، والمعنى المن عليهم ويفادون حتى تضع حرب بدر أوزارها، وغاية للضرب والشد إن حملت على الجنس، والمعنى أنهم يقتلون ويؤسرون حتى تضع جنس الحرب أوزارها بأن لا يبقى للمشركين شوكة، ولا تجعل غاية للمن والفداء مع إرادة الجنس.
وفي زعم جوازه والتزام النسخ كلام فتأمل * (ذالك) * أي الأمر ذلك أو افعلوا ذلك فهو في محل رفع خبر مبتدأ محذوف أو في محل نصب مفعول لفعل كذلك، والإشارة إلى ما دل عليه قوله تعالى: * (فضرب الرقاب) * الخ لا إلى ما تقدم من أول السورة إلى ههنا لأن افعلوا لا يقع على جميع السالف وعلى الرفع ينفك النظم الجليل إن لم يحمل عليه لأن ما بعد كلام فيهم * (ولو يشاء الله لانتصر منهم) * لانتقم منهم ببعض أسباب الهلاك من خسف أو رجفة أو غرق أو موت جارف * (ول‍اكن ليبلو بعضكم ببعض) * ولكن أمركم سبحانه بالقتال ليبلو المؤمنين بالكافرين بأن يجاهدوهم فينالوا الثواب ويخلد في صحف الدهر ما لهم من الفضل الجسيم والكافرين بالمؤمنين بأن يعاجلهم عز وجل ببعض انتقامه سبحانه فيتعظ به بعض منهم ويكون سببا لاسلامه؛ واللام متعلق بالفعل المقدر الذي ذكرناه * (والذين قتلوا في سبيل الله) * أي استشهدوا.
وقرأ الجمهور * (قاتلوا) * أي جاهدوا، والجحدري بخلاف عنه * (قتلوا) * بفتح القاف والتاء بلا ألف، وزيد بن ثابت. والحسن. وأبو رجاء. وعيسى. والجحدري أيضا * (قتلوا) * بالبناء للمفعول وشد التاء.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»