تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٥ - الصفحة ٨٠
كما هو شأن الملوك لا يهمهم شيء.
* (وزخرفا وإن كل ذلك لما مت‍اع الحيواة الدنيا والاخرة عند ربك للمتقين) *.
* (وزخرفا) * قال الحسن: أي نقوشا وتزاويق، وقال ابن زيد: الزخرف أثاث البيت وتجملاته وهو عليهما عطف على * (سقفا) *، وقال ابن عباس. وقتادة. والشعبي. والسدي. والحسن أيضا في رواية الزخرف الذهب، وأكثر اللغويين ذكروا له معنيين هذا والزينة فقيل الظاهر أنه حقيقة فيهما، وقيل: إنه حقيقة في الزينة ولكون كمالها بالذهب استعمل فيه أيضا، ويشير إليه كلام الراغب قال: الزخرف الزينة المزوقة ومه قيل للذهب زخرف، وفي " البحر " جاء في الحديث إياكم والحمرة فإنها من أحب الزينة إلى الشيطان، وقال ابن عطية: الحسن أحمر والشهوات تتبعه؛ ولبعض شعراء المغرب: وصبغت درعك من دماء كماتم * لما رأيت الحسن يلبس أحمرا وهو على هذا عطف على محل * (من فضة) * كأن الأصل سقفا من فضة وزخرف يعني بعضها من فضة وبعضها من ذهب فنصب عطفا على المحل، وجوز عطفه على * (سقفا) * * (وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا) * أي وما كل ما ذكر من البيوت الموصوفة بالصفات المفصلة إلا شيء يتمتع به في الحياة الدنيا وفي معناه ما قرىء * (وما كل ذلك الامتاع الدنيا) * وقرأ الجمهور * (لما) * بفتح اللام والتخفيف على أن * (إن) * هي المخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة بين المخففة وغيرها وما زائدة أو موصولة بتقدير لما هو متاع كما في قوله تعالى: * (تماما على الذي أحسن) * في قراءة من رفع النون، وقرأ رجاء وفي التحرير أبو حيوة * (لما) * بكسر اللام والتخفيف على أن * (إن) * هي المخففة واللام حرف جر وما موصولة في محل جر بها والجار والمجرور في موضع الخبر لكل وصدر الصلة محذوف كما سمعت آنفا. أنا ابن أباة الضيم من آل مالك * وإن مالك كانت كرام المعادن بل لا يجوز في البيت إدخال اللام كما لا يخفى على النحوي * (والآخرة) * أي بما فيها من فنون النعيم التي لا يحيط بها نطاق البيان * (عند ربك للمتقين) * خاصة لهم، والمراد بهم من اتقى الشرك، وقال غير واحد: من اتقى ذلك والمعاصي، وفي الآية من الدلالة على التزهيد في الدنيا وزينتها والتحريض على التقوى ما فهيا، وقد أخرج الترمذي وصححه. وابن ماجه عن سهل بن سعد قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كانت الدنيا تعدل عند الله تعالى جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء " وعن علي كرم الله تعالى وجهه الدنيا أحقر من ذراع خنزير ميت بال عليه كلب في يد مجذوم، هذا واستدل بعضهم بقوله تعالى: * (لبيوتهم سقفا) * على أن السقف لرب البيت الأسفل لا لصاحب العلو لأنه منسوب إلى البيت.
* (ومن يعش عن ذكر الرحم‍ان نقيض له شيطانا فهو له قرين) *.
* (ومن يعش) * أي يتعام ويعرض * (عن ذكر الرحمان) * وهو القرآن، وإضافته إلى الرحمن للإيذان بنزوله رحمة للعالمين، وجوز أن يكون مصدرا أضيف إلى المفعول أي من يعش عن أن يذكر الرحمن، وأن يكون مصدرا أضيف إلى الفاعل أي عن تذكير الرحمن عباده سبحانه، وقرأ يحيى بن سلام البصري * (يعش) * بفتح الشين كيرض أي يعم يقال: عشى كرضى إذا حصلت الآفة في بصره وعشا كغزا إذا نظر نظر العشي لعارض قال الحطيئة: متى تأته تعشو إلى ضوء ناره * تجد خير نار عندها خير موقد أي تنظر إليها نظر العشي لما يضعف بصرك من عظم الوقود واتساع الضوء ولو لم يكن كذلك لم يكن لكلمة
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»