تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٥ - الصفحة ١٤٠
* (بعد موتها) * يبسها وعرائها عن آثار الحياة وانتفاء قوة التنمية عنها * (وتصريف الرياح) * من جهة إلى أخرى ومن حال إلى حال، وتأخيره عن إنزال المطر مع تقدمه عليه في الوجوه إما للإيذان بأنه آية مستقلة حيث لو روعي الترتيب الوجودي لربما توهم أن مجموع تصريف الرياح وإنزال المطر آية واحدة، وإما لأن كون التصريف آية ليس بمجرد كونه مبدأ لإنشاء المطر بل له ولسائر المنافع التي من جملتها سوق السفن في البحار.
وقرأ زيد بن علي. وطلحة. وعيسى * (وتصريف الريح) * بالأفراد * (ءايات لقوم يعقلون) * بالرفع على أنه مبتدأ خبره ما تقدم من الجار والمجرور أعني * (في اختلاف) * على ما سمعت، والجملة معطوفة على ما قبلها.
وقيل: إن * (اختلاف) * بالجر عطف على * (خلقكم) * المجرور بفي قبله و * (آيات) * عطف على آيات السابق المرفوع بالابتداء، وفيه العطف على معمولي عاملين مختلفين، ومن الناس من يمنعة وهم أكثر البصريين، ومنهم من يجيزه وهم أكثر الكوفيين، ومنهم من يفصل فيقول: وهو جائز في نحو قولك: في الدار زيد والحجرة عمرو وغير جائز في نحو قولك: زيد في الدار وعمر والحجرة لأن الأول يلي المجرور فيه العاطف فقام العاطف مقام الجار، والثاني لم يل فيه المجرور العاطف فكان فيه إضمار الجار من غير عوض، وتمام الكلام في هذه المسألة في محله؛ وقيل: إن * (اختلاف) * عطف على المجرور قبل و * (آيات) * خبر مبتدأ محذوف أي هي آيات؛ واختاره من لم يجوز العطف على معمولي عاملين ويقول بضعف حذف الجار مع بقاء عمله وإن تقدمه ذكر جار.
وقال أبو البقاء: * (آيات) * مرفوع على التأكيد لآيات السابق وهم يعيدون الشيء إذا طال الكلام في الجملة للتأكيد والتذكير. وتعقب بأن ذلك إنما يكون بعين ما تقدم واختلاف الصفات يدل على تغاير الموصوفات فلا وجه للتأكيد، وأيضا فيه الفصل بين المعطوف المجرور والمعطوف عليه وبين المؤكد والمؤكد وهو إن جاز يورث تعقيدا ينافي فصاحة القرآن العظيم. وقرأ * (آيات) * هنا بالنصب من قرأها هناك به فهي مفعول لفعل محذوف أي أعني آيات، وقيل: العاطف في قوله تعالى: * (واختلاف) * عطف اختلاف على المجرور بفي قبل وعطفها على اسم إن وهو مبني على جواز العطف على معمولي عاملين، وقال أبو البقاء: هي منصوبة على التأكيد والتكرير لاسم إن نحو إن بثوبك دما وبثوب زيد دما، ومر آنفا ما فيه.
وقال بعضهم: إنها اسم إن مضمرة وهي قد تضمر ويبقى عملها، ذكر أبو حيان في الارتشاف في الكلام على إن من خير النار أو خيرهم زيد أن محمل بن يحيى بن المبارك اليزيدي ذهب إلى نصب خيرهم ورفع زيد فاسم إن محذوف وأو خيرهم منصوب بإضمار إن لدلالة إن المذكورة تقديره إن من خير الناس زيدا وإن خيرهم زيد. وقد أقر الشاطبي تخريج النصب في الآية على ذلك لكن نقله السفاقسي عن أبي البقاء ورده بأن إن لا تضمر.
وقال ابن هشام في آخر الباب الرابع من المغني:: إنه بعيد، والظاهر أنه لا بد عليه من إضمار الجار في * (اختلاف) * وحينئذ لا يخفى حاله، وسائر القراءات مروية هنا عمن رويت عنه فيما تقدم، وتنكير * (آيات) * في الآيات للتفخيم كما وكيفا، والمعنى إن المنصفين من العباد إذ نظروا في السموات والأرض النظر الصحيح علموا أنها مصنوعة وأنها لا بد لها من صانع فآمنوا بالله تعالى وأقروا، وإذا نظروا في خلق أنفسهم وتنقلها من حال إلى حال وهيئة
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»