موتا، وأما الإبدال فقد علم حاله فتأمل.
وقرأ الأعمش * (سواء) * بالنصب * (محياهم) * ومماتهم به أيضا، وخرج الأول على ما سمعت ونصب محياهم ومماتهم على الظرفية لأنهما اسما زمان أو مصدران أقيما مقام الزمان والعامل إما * (سواء) * أو * (نجعلهم) *، هذا والآية وإن كانت في الكفار على ما نقل عن البحر وهو ظاهر ما روي عن الكلبي من أن عتبة. وسيبة. والوليد بن عتبة قالوا لعلي كرم الله تعالى وجهه. وحمزة رضي الله تعالى عنه. والمؤمنين: والله ما أنتم على شيء ولئن كان ما تقولون حقا لحالنا أفضل من حالكم في الآخرة كما هو أفضل في الدنيا فنزلت الآية: * (أم حسب الذين اجترحوا السيئات) * الخ.
وهي متضمنة للرد عليهم على جميع أوجهها كما يعرف بأدني تدبر يستنبط منها تباين حالي المؤمن العاصي والمؤمن الطائع ولهذا كان كثير من العباد يبكون عند تلاوتها حتى أنها تسمى مبكاة العابدين لذلك، فقد أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد. والطبراني. وجماعة عن أبي الضحى قال: قرأ تميم الداري سورة الجاثية فلما أتى على قوله تعالى: * (أم حسب الذين) * الآية لم يزل يكررها ويبكي حتى أصبح وهو عند المقام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن بشير مولى الربيع بن خيثم أن الربيع كان يصلي فمر بهذه الآية * (أم حسب الذين) * الخ فلم يزل يرددها حتى أصبح، وكان الفضيل بن عياض يقول لنفسه إذا قرأها: ليت شعري من أي الفريقين أنت.
وقال ابن عطية: إن لفظها يعطي أن اجتراح السيئات هو اجتراح الكفر لمعادلته بالإيمان، ويحتمل أن تكون المعادلة بالاجتراح وعمل الصالحات ويون الإيمان في الفريقين ولهذا بكى الخائفون عند تلاوتها.
ورأيت كثيرا من المغرورين المستغرقين ليلهم ونهارهم بالفسق والفجور يقولون بلسان القال والحال: نحن يوم القيامة أفضل حالا من كثير من العابدين وهذا منهم والعياذ بالله تعالى ضلال بعيد وغرور ما عليه مزيد * (ساء ما يحكمون) * أي ساء حكمهم هذا وهو الحكم بالتساوي فما مصدرية والكلام اخبار عن قبح حكمهم المعهود.
ويجوز أن يكون لإنشاء ذمهم على أن * (ساء) * بمعنى بئس فما فيه نكرة موصوفة وقعت تمييزا مفسرا لضمير الفاعل المبهم والمخصوص بالذم محذوف أي بئس شيئا حكموا به ذلك.
* (وخلق الله السماوات والارض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون) *.
* (وخلق الله السموات والأرض بالحق) * كأنه دليل على إنكار حسبانهم السابق أو دليل على تساوي محيا كل فريق ومماته وبيان لحكمته على تقدير كون قوله تعالى: * (سواء محياهم ومماتهم) * استئنافا وذلك من حيث أن خلق العالم بالحق المقتضى للعدل يستدعي انتصاف المظلوم من الظالم والتفاوت بين المسيء والمحسن وإذا لم يكن في المحيا كان بعد الممات حتما * (ولتجزى كل نفس بما كسبت) * عطف على * (بالحق) * لأنه في معنى العلة سواء كانت الباء للسببية الغائية أو الملابسة، أما على الأول فظاهر، وأما على الثاني فلأن المعنى خلقها ملتبسة ومقرونة بالحكمة والصواب دون العبث والباطل وحاصله خلقها لأجل ذلك أو عطف على علة محذوفة مثل ليدل سبحانه بها على قدرته أو ليعدل، وما موصولة أو مصدرية أي ليجزي كل نفس بالذي كسبته أو بكسبها * (وهم) * أي النفوس المدلول عليها بكل نفس * (لا يظلمون) * بنقص ثواب وتضعيف عذاب، والجملة في موضع الحال، وتسمية ذلك ظلما مع أنه ليس كذلك لأنه منه سبحانه تصرف في ملكه والظلم صرف في ملك الغير بغير إذنه لأنه لو فعله غيره عز وجل كان ظلما