تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٤ - الصفحة ٩٤
والبعد مني * (داخرين) * ذليلين مهينين * (الله الذي عل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا) * (غافر: 61) فيه إشارة إلى ليل البشرية ونهار الروحانية، وذكر أن سكون الناس في الليل المعروف على أقسام فأهل الغفلة يسكنون إلى استراحة النفوس والأبدان، وأهل الشهوة يسكنون إلى أمثالهم وأشكالهم من الرجال والنسوان، وأهل الطاعة يسكنون إلى حلاوة أعمالهم وقوة آمالهم. وأهل المحبة يسكنون إلى أنين النفوس وحنين القلوب وضراعة الإسرار واشتعال الأرواح بالأشواق التي هي أحر من النار * (الله الذي جعل لكم الأرض قرارا) * يشير إلى أنه تعالى جعل أرض البشرية مقرا للروح * (والسماء) * بناء أي سماء الروحانية مبنية عليها * (وصوركم فأحسن صوركم) * (غافر: 64) بأن جعلكم مرايا جماله وجلاله، وفي الخبر " خلق الله تعالى آدم على صورته " وفي ذلك إشارة إلى رد * (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدخاء) * (البقرة: 30) ولله تعالى من قال: / جسم] ما حطك الواشون عن رتبة * عندي ولا ضرك مغتاب كأنهم أثنوا ولم يعلموا * عليك عندي بالذي عابوا والكافر لسوء اختياره التحق بالشياطين وصار مظهرا لصفات القهر من رب العالمين وما ظلمهم الله ولكن كانوا هم الظالمين، تم الكلام على سورة المؤمن والحمد لله أولا وآخرا وباطنا وظاهرا.
سورة فصلت وتسمى سورة السجدة وسورة حم السجدة وسورة المصابيح وسورة الأقوات، وهي مكية بلا خلاف ولم أقف فيها على استثناء، وعدد آياتها كما قال الداني خمسون وآيتان بصري وشامي وثلاث مكي ومدني وأربع كوفي، ومناسبتها لما قبلها أنه سبحانه ذكر قبل * (أفلم يسيروا في الأرض) * (يوسف: 109) الخ وكان ذلك متضمنا تهديدا وتقريعا لقريش وذكر جل شأنه هنا نوعا آخر من التهديد والتقريع لهم وخصهم بالخطاب في قوله تعالى: * (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) * (فصلت: 13) ثم بين سبحانه كيفية إهلاكهم وفيه نوع بيان لما في قوله تعالى: * (أفلم يسيروا) * (غافر: 40) الآية، وبينهما أوجه من المناسبة غير ما ذكر. وأخرج البيهقي في " شعب الإيمان " عن الخليل بن مرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ تبارك وحم السجدة.
* (حم) *.
* (ح‍ام) * أن جعل اسما للسورة أو القرآن فهو إما خبر لمحذوف أو مبتدأ خبره.
* (تنزيل من الرحم‍ان الرحيم) *.
* (تنزيل) * على المبالغة أو التأويل المشهور، وهو على الأول خبر بعد خبر، وخبر مبتدأ محذوف أن جعل * (حم) * مسرودا على نمط التعديد عند الفراء، وقوله تعالى: * (من الرحم‍ان الرحيم) * من تتمته مؤكد لما أفاده التنوين من الفخامة الذاتية بالفخامة الإضافية أو خبر آخر للمبتدأ المحذوف أو تنزيل مبتدأ لتخصصه بما بعده خبره.
* (كت‍ابفصلت ءاي‍اته قرءانا عربيا لقوم يعلمون) *.
* (كت‍اب) * وحكي ذلك عن الزجاج. والحوفي، وهو على الأوجه الأول بدل منه أو خبر آخر أو خبر لمحذوف، وجملة * (فصلت ءاياته) * على جميع الأوجه في موضع الصفة لكتاب، وإضافة التنزيل إلى
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»