وجدنا لكم في آل حم آية * تأولها منا تقي ومعرب والطواسين والطواسيم بالميم بدل النون كذلك عندهم، وما سمعت يكفي في ردهم. نعم ما قالوه مسموع مقبول كالذي قلناه لكن ينبغي أن يعلم أن آل في قولهم آل حم كما قال الخفاجي ليس بمعنى الآل المشهور وهو الأهل بل هو لفظ يذكر قبل ما لا يصح تثنيته وجمعه من الأسماء المركبة ونحوها كتأبط شرا فإذا أرادوا تثنيته أو جمعه وهو جملة لا يتأتى فيها ذلك إذ لم يعهد مثله في كلام العرب زادوا قبله لفظة آل أو ذوا فيقال: جاءني آل تابط شرا أو ذواتا بط شرا أي الرجلان أو الرجال المسمون بهذا الاسم، فآل حم بمعنى الحواميم وآل بمعنى ذو، والمراد به ما يطلق عليه ويستعمل فيه هذا اللفظ وهو مجاز عن الصحبة المعنوية، وفي كلام الرضى وغيره إشارة إلى هذا إلا أنهم لم يصرحوا بتفسيره فعليك بحفظه، وحكي في الكشف أن الأولى أن يجمع بذوات حم أي دون حواميم أو حاميمات ومعناه السور المصحوبات بهذا اللفظ اعني حم.
* (تنزيل الكتابمن الله العزيز العليم) *.
* (تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم) * الكلام فيه إعرابا كاكلام في مطلع سورة الزمر بيد أنه يجوز هنا أن يكون * (تنزيل) * خبرا عن * (حم) * ولعل تخصيص الوصفين لما في القرآن الجليل من الإعجاز وأنواع العلوم التي يضيق عن الإحاطة بها نطاق الأفهام أو هو على نحو تخصيص الوصفين فيما سبق فإن شأن البليغ عمله بالأشياء أن يكون حكيما إلا أنه قيل * (العليم) * دون الحكيم تفننا [بم وقوله تعالى:
* (غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذى الطول لا إلاه إلا هو إليه المصير) *.
* (غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول) * صفات للاسم الجليل كالعزيز العليم، وذكر * (غافر الذنب وقابل التوب، وذي الطول) * للترغيب وذكر * (شديد العقاب) * للترهيب والمجموع للحث على المقصود من * (تنزيل الكتاب) * وهو المذكور بعد من التوحيد والإيمان بالبعث المستلزم للإيمان بما سواهما والإقبال على الله تعالى، والأولان منها وان كانا اسمي فاعل إلا أنهما لم يرد بهما التجدد ولا التقييد بزمان بل أريد بهما الثبوت والاستمرار فاضافتهما للمعرفة بعدهما محضة اكسبتهما تعريفا فصح أن يوصف بهما أعرف المعارف، والأمر في * (ذي الطول) * ظاهر جدا. نعم الأمر في * (شديد العقاب) * مشكل فإن شديدا صفة مشبهة وقد نص سيبويه على أن كل ما إضافته غير محضة إذا أضيف إلى معرفة جاز أن ينوي بإضافته التمحض فيتعرف وينعت به المعرفة إلا ما كان من باب الصفة المشبهة فإنه لا يتعرف ومن هنا ذهب الزجاج إلى أن * (شديد العقاب) * بدل، ويرد عليه أن في توسيط البدل بين الصفات تنافرا بينا لأن الوصف يؤذن بأن الموصوف مقصود والبدل بخلافه فيكون بمنزلة استئناف القصد بعد ما جعل غير مقصود، والجواب أنه إنما يشكل ظاهرا على مذهب سيبويه وسائر البصريين القائلين بأن الصفة المشبهة لا تتعرف أصلا بالإضافة إلى المعرفة، وأما على مذهب الكوفيين القائلين بأنها كغيرها من الصفات قد تتعرف بالإضافة ويجوز وصف المعرفة بها نحو مررت بزيد حسن الوجه فلا، ويقال فيما ذكر على المذهب الأول: إن * (شديدا) * مؤول بمشدد اسم فاعل من أشده جعله شديدا كاذين بمعنى مئذن فيعطي حكمه، أو يقال: إنه معرف بال والأصل الشديد عقابه لكن حذفت لأمن اللبس بغير الصفة لوقوعه بين الصفات واحتمال كونه بدلا وحده لا يلتفت على ما سمعت إليه ورعاية لمشاكلة ما معه من الأوصاف المجردة منها والمقدر في حكم الموجود، وقد غيروا كثيرا من كلامهم عن قوانينه لأجل المشاكلة حتى قالوا: ما يعرف سحادليه من عنادليه أرادوا ما يعرف ذكره من أنثييه