والذين تحزبوا واجتمعوا على معاداة الرسل عليهم السلام من قوم نوح كعاد. وثمود. وقوم فرعون * (وهمت كل أمة) * من تلك الأمم * (برسولهم) * وقرأ عبد الله * (برسولها) * رعاية اللفظ الأمة * (ليأخذوه) * ليتمكنوا من إيقاع ما يريدون به من حبس وتعذيب وقتل وغيره، فالأخذ كناية عن التمكن المذكور، وبعضهم فسره بالاسر وهو قريب مما ذكر، وقال قتادة: أي ليقتلوه * (وجادلوا بالباطل) * بما لا حقيقة له قيل هو قولهم: * (ما أنتم إلا بشر مثلنا) * (يس: 15) والأولى أن يقال هو كل ما يذكرونه لنفي الرسالة وتحسين ما هم عليه، وتفسيره بالشيطان ليس بشيء * (ليدحضوا) * ليزيلوا * (به) * أي بالباطل، وقيل: أي بجدالهم بالباطل * (الحق) * الأمر الثابت الذي لا محيد عنه * (فأخذتهم) * بالاهلاك المستأصل لهم * (فكيف كان عقاب) * فانكم تمرون على ديارهم وترون أثره، وهذا تقرير فيه تعجيب للسامعين مما وقع بهم، وجوز أن يكون من عدم اعتبار هؤلاء، واكتفى بالكسرة عن ياء الإضافة في عقاب لأنه فاصلة، واختلف في المسبب عنه الأخذ المذكور فقيل: مجموع التكذيب والهم بالأخذ والجدال بالباطل، واختار الزمخشري كونه الهم بالأخذ، وقال في الكشف: وذلك لأن قوله تعالى: * (وجادلوا بالباطل ليدحضوا) * (غافر: 5) هو التكذيب بعينه والأخذ يشاكل الأخذ وإنما التكذيب موجب استحقاق العذاب الأخروي المشار إليه بعد، ولا ينكر أن كليهما يقتضي كليهما لكن لما كان ملاءمة الأخذ للأخذ أتم والتكذيب للعذاب الأخروي أظهر أنه متعلق بالأخذ تنبيها على كمال الملاءمة، ثم المجادلة العنادية ليس الغرض منها إلا الإيذاء فهي تؤكد الهم من هذا الوجه بل التكذيب أيضا يؤكده، والغرض من تمهيد قوله تعالى: * (ما يجادل) * وذكر الأحزاب إلا لما بهذا المعنى، ثم التصريح بقوله سبحانه: * (وهمت كل أمة برسولهم) * يدل على ما اختاره دلالة بينه فلا حاجة إلى أن يعتذر بأنه إنما اعتبر هذا لا ما سيق له الكلام من المجادلة الباطلة للتسلي انتهى، والانصاف إن فيما صنعه جار الله رعاية جانب المعنى ومناسبة لفظية إلا أن الظاهر هو التفريع على المجموع كما لا يخفى.
* (وكذالك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحابالنار) *.
* (وكذالك حقت كلمت ربك على الذين كفروا) * أي كما وجب حكمه تعالى بالاهلاك على هؤلاء المتحزبين على الأنبياء وجب حكمه سبحانه بالاهلاك على هؤلاء المتحزبين عليك أيضا وهم كفار قريش * (أنهم أصحاب النار) * أي لأنهم أصحاب النار أي لأن العلة متحدة وهي أنهم كفار معاندون مهتمون بقتل النبي مثلهم، فوضع * (أصحاب النار) * موضع ما ذكر لأنه آخر أوصافهم وشرها والدال على الباقي، و * (أنهم) * الخ في حيز النصب بحذف لام التعليل كما أشرنا إليه، وجوز أن يكون في محل رفع على أنه بدل من * (كلمة ربك) * بدل كل من كل ان أريد بالكلمة قوله تعالى أو حكمه سبحانه بأنهم من أصحاب النار، وبدل اشتمال أن أريد بها الأعم، ويراد بالذين كفروا أولئك المتحزبون، والمعنى كما وجب اهلاكهم بالعذاب المستأصل في الدنيا وجب اهلاكهم بعذاب النار في الآخرة أيضا لكفرهم، والوجه الأول أظهر بالمساق.
والتعبير بعنوان الربوبية من الإضافة إلى ضمير صلى الله عليه وسلم، وفسرت * (كلمة ربك) * عليه بقوله سبحانه: * (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) * (الروم: 47) ونحوه. وفي مصحف عبد الله * (وكذلك سبقت) * وهو على ما قيل تفسير معنى لا قراءة. وقرأ ابن هرمز. وشيبة. وابن القعقاع. ونافع. وابن عامر * (كلمات) * على الجمع.
* (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين ءامنوا ربنا وسعت كل شىء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم) *.
* (الذين يحملون العرش) * وهو جسم عظيم له قوائم الكرسي وما تحته بالنسبة إليه كحلقة في فلاة.