جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه) * ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هكذا بيده ويحركها يقبل بها ويدبر يمجد الرب نفسه أنا الجبار أنا المتكبر أنا الملك أنا العزيز أنا الكريم فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا ليخرجن به " وفي " صحيح مسلم " عن عبد الله بن مقسم أنه نظر إلى ابن عمر كيف يحكي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يأخذ الله تعالى سماواته وأرضيه بيديه ويقول: أنا الله ويقبض أصابعه ويبسطها أنا الملك.
وفي " شرح الصحيح " للإمام النووي نقلا عن المازري أن قبض النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه وبسطها تمثيل لقبض هذه المخلوقات وجمعها بعد بسطها وحكاية للمبسوط المقبوض وهو السماوات والأرضون لا إشارة إلى القبض والبسط الذي هو صفة للقابض والباسط سبحانه وتعالى ولا تمثيل لصفة الله تعالى السمعية المسماة باليد التي ليست بجارحة انتهى، ثم إن ظاهر بعض الأخبار يقتضي أن قبض الأرض بعد طي السماوات وأنه بيد أخرى. أخرج مسلم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطوي الله تعالى السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول: أين الجبارون أين المتكبرون؟، وفي الشرح نقلا عن المازري أيضا أن إطلاق اليدين لله تعالى متأول على القدرة، وكنى عن ذلك باليدين لأن أفعالنا تقع باليدين فخوطبنا بما نفهمه ليكون أوضح وأوكد في النفوس، وذكر اليمين والشمال حتى يتم التأول لأنا نتناول باليمين ما نكرمه وبالشمال ما دون ولأن اليمين في حقنا تقوى لما لا تقوى له الشمال، ومعلوم أن السماوات أعظم من الأرض فأضافها إلى اليمين وأضاف الأرضين إلى الشمال ليظهر التقريب في الاستعارة وإن كان الله سبحانه وتعالى لا يوصف بأن شيئا أخف عليه من شيء ولا أثقل من شيء انتهى. والصوفية يقولون بالتجلي الصوري مع بقاء الإطلاق والتنزيه المدلول عليه بليس كمثله شيء، والأمر عليه سهل جدا. ثم إن التصرف في الأرض والسماوات يكون والناس على الصراط كما جاء في خبر رواه مسلم عن عائشة مرفوعا، وروى أيضا عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة " والكلام في هذا الخبر كالكلام في نظائره، وإياك من التشبيه والتجسيم، وكذا من نسبة ذلك إلى السلف ولا تك كالمعتزلة في التحامل عليهم والوقيعة فيهم، ويكفي دليلا على جهل المعتزلة بربهم زعمهم أنه عز وجل فوض العباد فهم يفعلون ما لا يشاء ويشاء ما لا يفعلون * (سبحانه وتعالى عما يشركون) * أي أبعد من هذه قدرته وعظمته عن إشراكهم أو عما يشركونه من الشركاء - فسبحان - للتعجب وتتعلق به * (عن) * بالتأويل بما ذكر و * (ما) * تحتمل المصدرية والموصولية.
* (ونفخ فى الصور فصعق من فى السماوات ومن فى الارض إلا من شآء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) *.
* (ونفخ في الصور) * المشهور أن النافخ فيه ملك واحد وأنه إسرافيل عليه السلام بل حكى القرطبي الإجماع عليه. وفي حديث أخرجه ابن ماجه. والبزار. وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري مرفوعا أن النافخ اثنان، ويدل عليه أيضا أخبار أخر، منها ما أخرجه أحمد. والحاكم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " النافخان في السماء الثانية رأس أحدهما بالمشرق ورجلاه بالمغرب ينتظران متى يؤمران أن ينفخا في الصور فينفخا " وفي بعض الآثار ما يدل على أنه واحد وأنه شاخص ببصره إلى إسرافيل عليه السلام ما طرف منذ خلقه الله تعالى ينتظر متى يشير إليه فينفخ في الصور. والصور قرن عظيم فيه ثقب بعدد كل روح مخلوقة ونفس منفوسة. وأخرج أبو الشيخ