وتفسير الرجس بالذنوب على العصمة فذهبوا إلى أن عليا وفاطمة والحسنين رضي الله تعالى عنهم معصومون من الذنوب عصمته صلى الله عليه وسلم منها وتعقبه بعض أجلة المتأخرين بأنه لو فرض تعين كل ما ذهبوا إليه لا تسلم دلالتها على العصمة بل لها دلالة على عدمها إذ لا يقال في حق من هو طاهر: إني أريد أن أطهره ضرورة امتناع تحصيل الحاصل، وغاية ما في الباب أن كون أولئك الأشخاص رضي الله تعالى عنهم محفوظين من الرجس والذنوب بعد تعلق الإرادة بإذهاب رجسهم يثبت بالآية ولكن هذا أيضا على أصول أهل السنة لا على أصول الشيعة لأن وقوع مراده تعالى غير لازم عندهم لإرادته عز وجل مطلقا وبالجملة لو كانت إفادة معنى العصمة مقصودة لقيل هكذا إن الله أذهب عنكم الرجس أهل البيت وطهركم تطهيرا وأيضا لو كانت مفيدة للعصمة ينبغى أن يكون الصحابة لا سيما الحاضرين في غزوة بدر قاطبة معصومين لقوله تعالى فيهم: * (ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) * (المائدة: 6) بل لعل هذا أفيد لما فيه من قوله سبحانه: * (وليتم نعمته عليكم) * فإن وقوع هذا الاتمام لا يتصور بدون الحفظ عن المعاصي وشر الشيطان اه. وقرر الطبرسي وجه الاستدلال بها على العصمة بأن * (إنما) * لفظة محققة لما أثبت بعدها نافية لما لم يثبت فإذا قيل: إنما لك عندي درهم أفاد أنه ليس للمخاطب عنده سوى درهم فتفيد الآية تحقق الإرادة ونفي غيرها، والإرادة لا تخلو من أن تكون هي الإرادة المحضة أو الإرادة التي يتبعها التطهير وإذهاب الرجس لا يجوز أن تكون الإرادة المحضة لأنه سبحانه وتعالى قد أراد من كل مكلف ذلك بالإرادة المحضة فلا اختصاص لها بأهل البيت دون سائر المكلفين ولأن هذا القول يقتضي المدح والتعظيم لهم بلا ريب ولا مدح في الإرادة المجردة فتعين إرادة الإرادة بالمعنى الثاني، وقد علم أن من عدا أهل الكساء غير مراد فتختص العصمة بهم اه. وهو كما ترى، على أنه قد ورد في كتب الشيعة ما يدل على عدم عصمة الأمر كرم الله تعالى وجهه وهو أفضل من ضمه الكساء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي نهج البلاغة أنه كرم الله تعالى وجهه قال لأصحابه: لا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل فإني لست بفوق أن أخطىء ولا آمن من ذلك في فعلى إلا أن يلقى الله تعالى في نفسي ما هو أملك به مني.
وفيه أيضا كان كرم الله تعالى وجهه يقول في دعائه: اللهم اغفر لي ما تقربت به إليك وخالفه قلبي، وقصد التعليم كما في بعض الأدعية النبوية بعيد كذا قيل فتدبر ولا تغفل، وفسر بعض أهل السنة الإرادة ههنا بالمحبة قالوا: لأنه لو أريد بها الإرادة التي يتحقق عندها الفعل لكان كل من أهل البيت إلى يوم القيامة محفوظا من كل ذنب والمشاهد خلافه، والتخصيص بأهل الكساء وسائر الأئمة الأثنى عشر كما ذهب إليه الإمامية المدعون عصمتهم مما لا يقوم عليه دليل عندنا، والمدح جاء من جهة الاعتناء بشأنهم وإفادتهم محبة الله تعالى لهم هذا الأمر الجليل الشأن ومخاطبته سبحانه إياهم بذلك وجعله قرآنا يتلى إلى يوم القيامة.
وقد يستدل على كون الإرادة ههنا بالمعنى المذكور دون المعنى المشهور الذي يتحقق عنده الفعل بأنه صلى الله عليه وسلم قال حين أدخل عليا وفاطمة والحسنين رضي الله تعالى عنهم تحت الكساء " اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " فإنه أي حاجة للدعاء لو كان ذلك مرادا بالإرادة بالمعنى المشهور وهل هو إلا دعاء بحصول واجب الحصول.
واستدل بهذا بعضهم على عدم نزول الآية في حقهم وإنما ادخلهم صلى الله عليه وسلم في أهل البيت