فيها من الأزواج وكانت كل واحد منهن تتصرف بالحجرة الساكنة هي فيها تصرف المال في ملكه بحضوره صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر الفقهاء أن من بنى بيتا لزوجته وأقبضه إياها كان كمن وهب زوجته بيتا وسلمه إليها، فيكون البيت ملكا لها ويشهد لدعوى أن الحجرة التي كانت تسكنها عائشة رضي الله تعالى عنها كانت ملكا لها غير الإضافة في * (بيوتكن) * الداخل فيه حجرتها استئذان عمر رضي الله تعالى عنه لدفنه فيها منها بمحضر من الصحابة، وعدم إنكار أحد منهم حتى علي كرم الله تعالى وجهه، واستئذان الحسن رضي الله تعالى عنه منها لذلك أيضا الثابت عند أهل السنة والشيعة، كما ذكر في الفصول المهمة في معرفة الأئمة وغيره من كتبهم فإن تلك الحجرة لو كانت لبيت المال لحديث " نحن معاشر الأنبياء لا نورث " لاستأذن رضي الله تعالى عنه من الوزغ مروان فإنه إذ ذاك كان حاكم المدينة المنورة والمتصرف في بيت المال، ولو كانت للورثة بناء على زعم الشيعة من أنه صلى الله عليه وسلم يورث كغيره لزم الاستئذان من سائر الأزواج أيضا لتعلق حقهن فيها على زعمهم بل يلزم الاستئذان أيضا من عصبته عليه الصلاة والسلام المستحقين لما يبقى بعد النصف والثمن إذا قلنا بتوريثهم فحيث لم يستأذن رضي الله تعالى عنه إلا منها علم أنها ملكها وحدها.
والقول بأنه علم رضا الجميع سواها رضي الله تعالى عنها فاستأذنها لذلك مما لا يقوم لهم حجة، ولهم في هذا الباب أكاذيب لا يعول عليها ولا يلتفت أريب إليها، منها أن عائشة رضي الله تعالى عنه أذنت للحسن رضي الله تعالى عنه حين استأذنها في الدفن في الحجرة المباركة، ثم ندمت بعد وفاته رضي الله تعالى عنه وركبت على بغلة لها وأتت المسجد ومنعت الدفن ورمت السهام على جنازته الشريفة الظاهرة وادعت الميراث.
وأنشأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول: تجملت تبلغت * وإن عشت تفيلت لك التسع من الثمن فكيف الكل ملكت وركاكة هذ الشعر تنادي بكذب نسبته إلى ذلك الحبر رضي الله تعالى عنه، وليت شعري أي حاجة لها إلى الركوب ومسكنها كان تلك الحجرة المباركة لا فلو كانت بصدد المنع لأغلقت بابها ثم إنها رضي الله تعالى عنها كيف يظن بها ولها من العقل الحظ الأوفر بالنسبة إلى سائر أخواتها أمهات المؤمنين تدعي الميراث وهي وأبوها رضي الله تعالى عنهما رويا بمحضر الصحابة الذين لا تأخذهم في الله تعالى لومة لائم " نحن معاشر الأنبياء لا نورث " هذا، ويجوز أن تكون إضافة البيوت إلى ضمير النساء المطهرات باعتبار أنهن ساكنات فيها قائمات بمصالحها قيمات عليها، واستعمال الخاصة والعامة شائع بإضافة البيوت إلى الأزواج بهذا الاعتبار.
والاستئذان يجوز أن يكون لانتقال كل بيت إلى ملك الساكنة فيه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم من جهة الخليفة ولي بيت المال لما رأى من المصلحة في تخصيص كل منهن بمسكنه وتركه لها على نحو الإقطاع من بيت المال، ومما يستأنس به لكون الإضافة إلى ضميرهن بهذا الاعتبار لا لكون البيوت ملكهن إضافة البيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما أثر، بل سيأتي إن شاء الله تعالى إضافة البيوت إليه عليه الصلاة والسلام وذلك في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم) * (الأحزاب: 53) الآية وهي أحق بأن تكون للملك فليراجع هذا المطلب وليتأمل * (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) * التبرج على ما روى عن مجاهد. وقتادة. وابن أبي نجيح المشي بتبختر وتكسر وتغنج، وعن مقاتل أن تلقى المرأة خمارها