ليريد فكأنه قيل: يريد الله إذهاب الرجس عنكم وتطهيركم، وقيل: للتعليل ثم اختلف هؤلاء فقيل المفعول محذوف أي إنما يريد الله أمركم ونهيكم ليذهب أو إنما يريد منكم ما يريد ليذهب أو نحو ذلك، وقال الخليل. وسيبويه ومن تابعهما: الفعل في ذلك مقدر بمصدر مرفوع بالابتداء واللام وما بعدها خبر أي إنما إرادة الله تعالى للإذهاب على حد ما قيل في - تسمع بالمعيدي خير من أن تراه - فلا مفعول للفعل، وقال الطبرسي: اللام متعلق بمحذوف تقديره وإرادته ليذهب وهو كما ترى، وهذا الذي ذكروه جار في قوله تعالى: * (يريد الله ليبين لكم) * (النساء: 26) و * (أمرنا لنسلم لرب العالمين) * (الأنعام: 71) وقول الشاعر:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما * تمثل لي ليلى بكل مكان ونصب * (أهل) * على النداء، وجوز أن يكون على المدح فيقدر أمدح أو أعني، وأن يكون على الاختصاص وهو قليل في المخاطب ومنه بك الله نرجو الفضل، وأكثر ما يكون في المتكلم كقوله: نحن بنات طارق * نمشي على النمارق وأل في البيت للعهد، وقيل: عوض عن المضاف إليه أي بيت النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر أن المراد به بيت الطين والخشب لا بيت القرابة والنسب وهو بيت السكنى لا المسجد النبوي كما قيل، وحينئذ فالمراد بأهله نساؤه صلى الله عليه وسلم المطهرات للقرائن الدالة على ذلك من الآيات السابقة واللاحقة مع أنه عليه الصلاة والسلام ليس له بيت يسكنه سوى سكناهن، وروى ذلك غير واحد، أخرج ابن أبي حاتم. وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما نزلت * (إنما يريد الله) * الخ في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وأخرج ابن مردويه من طريق ابن جبير عنه ذلك بدون لفظ خاصة، وقال عكرمة من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرج ابن جرير. وابن مردويه عن عكرمة أنه قال في الآية: ليس بالذي تذهبون إليه إنما هو نساء النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى ابن جرير أيضا أن عكرمة كان ينادي في السوق أن قوله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) * نزل في نساء النبي عليه الصلاة والسلام، وأخرج ابن سعد عن عروة * (ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) * قال: يعني أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وتوحيد البيت لأن بيوت الأزواج المطهرات باعتبار الإضافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بيت واحد وجمعه فيما سبق ولحق باعتبار الإضافة إلى الأزواج المطهرات اللاتي كن متعددات وجمعه في قوله سبحانه الآتي إن شاء الله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم) * (الأحزاب: 53) دفعا لتوهم إرادة بيت زينب لو أفرد من حيث إن سبب النزول أمر وقع فيه كما ستطلع عليه إن شاء الله تعالى، وأورد ضمير جمع المذكر في * (عنكم) * و * (يطهركم) * رعاية للفظ الأهل. والعرب كثيرا ما يستعملون صيغ المذكر في مثل ذلك رعاية للفظ وهذا كقوله تعالى خطابا لسارة: امرأة الخليل عليهما السلام * (أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد) * (هود: 73) ومنه على ما قيل قوله سبحانه: * (قال لأهله مكثوا إني آنست نارا) * (القصص: 29) خطابا من موسى عليه السلام لامرأته. ولعل اعتبار التذكير هنا أدخل في التعظيم، وقيل: المراد هو صلى الله عليه وسلم ونساؤه المطهرات رضي الله تعالى عنهن وضمير جمع المذكر لتغليبه عليه الصلاة والسلام عليهن. وقيل: المراد بالبيت بيت النسب ولذا أفرد ولم يجمع كما في السابق واللاحق.
فقد أخرج الحكيم الترمذي. والطبراني. وابن مردويه. وأبو نعيم. والبيهقي معا في الدلائل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما