تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ١١
وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه. وعبد الله. والربيع بن خيثم. وابن وثاب. وطلحة. وزيد بن علي. وحمزة. والكسائي * (لنثوينهم) * بالثاء المثلثة الساكنة بعد النون وإبدال الهمزة ياء من الثواء بمعنى الإقامة فانتصاب * (غرفا) * حينئذ إما بإجرائه مجرى لننزلنهم فهو مفعول به له أو بنزع الخافض على أن أصله بغرف فلما حذف الجار انتصب أو على أنه ظرف والظرف المكاني إذا كان محدودا كالدار والغرفة لا يجوز نصبه على الظرفية إلا أنه أجرى هنا مجرى المبهم توسعا كما في قوله تعالى: * (لأقعدن لهم صراطك المستقيم) * (الأعراف: 16) على ما فصل في النحو.
وروي عن ابن عامر أنه قرأ * (غرفا) * بضم الراء * (تجري من تحتها الأنهار) * صفة لغرفا * (خالدين فيها) * أي في الغرف، وقيل: في الجنة * (نعم أجر العاملين) * أي الأعمال الصالحة والمخصوص بالمدح محذوف ثقة بدلالة ما قبله عليه أي نعم أجري العاملين الغرف أو أجرهم، ويجوز كون التمييز محذوفا أي نعم أجرا أجر العاملين. وقرأ ابن وثاب * (فنعم) * بفاء الترتيب.
* (الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون) *.
* (الذين صبروا) * صفة للعاملين أو خبر مبتدأ محذوف أو نصب على المدح أي صبروا على أذية المشركين وشدائد المهاجرة وغير ذلك من المحن والمشاق * (وعلى ربهم يتوكلون) * أي ولم يتوكلوا فيما يأتون ويذرون إلا على الله تعالى.
* (وكأين من دآبة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم) *.
* (وكأين من دابة لا تحمل رزقهعا) * لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المؤمنين الذين كانوا بمكة بالمهاجرة إلى المدينة قالوا: كيف نقدم بلدة ليس لنا فيها معيشة؟ فنزلت، أي وكم من دابة لا تطيق حمل رزقها لضعفها أو لا تدخره وإنما تصبح ولا معيشة عندها. عن ابن عيينة ليس شيء يخبأ إلا الإنسان والنملة والفأرة، وعن ابن عباس لا يدخر إلا الآدمي والنمل والفأرة والعقعق ويقال: للعقعق مخابي إلا أنه ينساها، وعن بعضهم رأيت البلبل يحتكر في حضنيه والظاهر عدم صحته، وذكر لي بعضهم أن أغلب الكوامن من الطير يدخر والله تعالى أعلم بصحته.
* (الله يرزقها وإي‍اكم) * ثم إنها مع ضعفها وتوكلها وإياكم مع قوتكم واجتهادكم سواء في أنه لا يرزقها وإياكم إلا الله تعالى لأن رزق الكل بأسباب هو عز وجل المسبب لها وحده فلا تخافوا على معاشكم بالمهاجرة ولما كان المراد إزالة ما في أوهامهم من الهجرة على أبلغ وجه قيل: * (يرزقها وإياكم) * دون يرزقكم وإياها * (وهو السميع) * البالغ في السمع فيسمع قولكم هذا * (العليم) * البالغ في العلم فيعلم ما انطوت عليه ضمائركم.
* (ولئن سألتهم من خلق السم‍اوات والارض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون) *.
* (ولئن سألتهم) * أي أهل مكة * (من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله) * إذ لا سبيل لهم إلى إنكاره ولا التردد فيه، والاسم الجليل مرفوع على الابتداء والخبر محذوف لدلالة السؤال عليه أو على الفاعلية لفعل محذوف لذلك أيضا * (فأنى يؤفكون) * إنكار واستبعاد من جهته تعالى لتركهم العمل بموجبه، والفاء للترتيب أو واقعة في جواب شرط مقدر أي إذا كان الأمر كذلك فكيف يصرفون عن الإقرار بتفرده عز وجل في الألوهية مع إقرارهم بتفرده سبحانه فيما ذكر من الخلق والتسخير.
وقدر بعضهم الشرط فإن صرفهم الهوى والشيطان لمكان بناء * (يؤفكون) * للمفعول، ولعل ما ذكرناه أولى.
* (الله يبسط الرزق لمن يشآء من عباده ويقدر له إن الله بكل شىء عليم) *.
* (الله يبسط الرزحق لمن يشاء) * أن يبسطه له لا غيره * (من عباده ويقدر له) * أي يضيق عليه، والضمير
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»