* (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) * () هذا ما أراده صاحب الكشاف، وليس في الكلام عليه تقدير مضاف كما هو الظاهر.
وذهب بعضهم إلى أن الكلام على تقدير مضاف أي كراهة أن تصيبهم الخ، فالسبب للإرسال إنما هو كراهة ذلك لما فيه من إلزام الحجة ولله تعالى الحجة البالغة، وهذه الكراهة مما لا ريب في تحققها الذي تقتضيه لولا ودفعوا بهذا التقدير لزوم تحقق الإصابة والقول المذكور وانتفاء عدم الإرسال كما هو مقتضى لولا، وفي ذلك ما فيه، وقال ابن المير: التحقيق عندي أن لولا ليست كما قال النحاة تدل على أن ما بعدها موجود أو أن جوابها ممتنع والتحرير في معناها أنها تدل على أن ما بعدها مانع من جوابها عكس لو، ثم المانع قد يكون موجودا وقد يكون مفروضا وما في الآية من الثاني فلا إشكال فيها، واستدل بالآية على أن قول من لم يرسل إليه رسول ان عذب: ربي لولا أرسلت إلى رسولا مما يصلح للاحتجاج وإلا لما صلح لأن يكون سببا للإرسال وفي ذلك دلالة على أن العقل لا يغني عن الرسول، والبحث في ذلك شهير، والكلام فيه كثير.
* (فلما جآءهم الحق من عندنا قالوا لولاأوتى مثل مآ أوتى موسى أولم يكفروا بمآ أوتى موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون) * * (فلما جاءهم) * أي أولئك القوم، والمراد بهم هنا أهل مكة الموجودون عند البعثة وضمائر الجمع الآتية كلها راجعة إليهم. * (الحق من عندنا) * أي الأمر الحق وهو القرآن المنزل عليه عليه الصلاة والسلام * (قالوا) * تعنتا واقتراحا * (لولا أوتي) * يعنونه عليه الصلاة والسلام * (مثل ما أوتي موسى) * عليه السلام من الكتاب المنلز جملة وقوله تعالى: * (أولم يكفروا بما أوتي موساى من قبل) * رد عليهم وإظهار لكون ما قالوه تعنتا محضا لا طلبا لما يرشدهم إلى الحق * (ومن قبل) * متعلق بيكفروا وتعلقه بأوتي لا يظهر له وجه لائح إذ هو تقييد بلا فائدة لأنه معلوم أن ما أوتي موسى عليه السلام من قبل محمد صلى الله عليه وسلم أو من قبل هؤلاء الكفرة. نعم أمر الرد عليه على حاله أي ألم يكفروا من قبل هذا القول بما أوتي موسى عليه السلام كما كفروا بهذا الحق وقوله تعالى: * (قالوا) * استئناف مسوق لتقرير كفرهم المستفاد من الإنكار السابق وبيان كيفيته وقوله تعالى: * (سحران) * خبر لمبتدأ محذوف أي هما يعنون ما أوتي نبينا وما أوتي موسى عليهما الصلاة والسلام سحران * (تظاهرا) * أي تعاونا بتصديق كل واحد منهما الآخر وتأييده إياه، وذلك أن أهل مكة بعثوا رهطا منهم إلى رؤساء اليهود في عيد لهم فسألوهم عن شأنه عليه الصلاة والسلام فقالوا: إن نجده في التوراة بنعته وصفته فلما رجع الرهط وأخبروهم بما قالت اليهود قالوا ذلك. وقوله تعالى: * (وقالوا إنا بكل) * أي بكل واحد من الكتابين * (كافرون) * تصريح بكفرهم بهما وتأكيد لكفرهم المفهوم من تسميتهما سحرا وذلك لغاية عتوهم وتماديهم في الكفر والطغيان. وقرأ الأكثرون * (ساحران) * وأراد الكفرة بهما نبينا وموسى عليهما الصلاة والسلام.
وقرأ طلحة. والأعمش * (الظاهرا) * بهمزة الوصل وشد الظاء وكذا هي في حرف عبد الله وأصله تظاهرا فلما قلبت التاء ظاء وأدغمت سكنت فاجتلبت همزة الوصل ليبتدأ بالساكن. وقرأ محبوب عن الحسن. ويحيى بن الحرث الذماري. وأبو حيوة. وأبو خلاد عن اليزيدي تظاهرا بالتاء وتشديد الظاء. قال ابن خالويه: وتشديده لحن لأنه فعل ماض وإنما يشدد في المضارع. وقال صاحب اللوامح: لا أعرف وجهه. وقال صاحب الكامل في القراآت لا معنى له. وخرج ذلك أبو حيان على أنه مضارع حذفت منه النون بدون ناصب