يدها غيرها فدفعها إليه ثم ندم لأنها وديعة فتبعه فاختصما فيها ورضيا أن يحكم بينهما أول طالع: فأتاهما الملك فقال ألقياها فمن رفعها فهي له فعالجها الشيخ فلم يقطها ورفعها موسى عليه السلام. وعن الحسن ما كانت إلا عصا من الشجر اعترضها اعتراضا. وعن الكلبي الشجرة التي نودي منها شجرة العوسج ومنها كانت عصاه.
وروى أنه لما شرع عليه السلام بالخدمة والرعي قال له شعيب: إذا بلغت مفرق الطريق فلا تأخذ على يمينك فإن الكلأ وإن كان بها أكثر إلا أن فيها تنينا أخشاه عليك وعلى الغنم، فلما بلغ مفرق الطريق أخذت الغنم ذات اليمين ولم يقدر على كفها ومشى على أثرها فإذا عشب وريف لم ير مثله فنام فإذا بالتنين قد أقبل فحاربته العصا حتى قتلته وعادت إلى جنب موسى عليه السلام دامية فلما أبصرها دامية والتنين مقتولا ارتاح لذلك ولما رجع إلى شعيب وجد الغنم ملأى البطون غزيرة اللبن فأخبره موسى عليه السلام بما كان ففرح وعلم أن لموسى العصا شأنا وقال له: إني وهبت لك من نتاج غنمي هذا العام كل أدرع وردعاء فأوحى الله تعالى إليه في المنام أن أضرب بعصاك مستقى الغنم ففعل ثم سقى فما أخطأت واحدة إلا وضعت أدرع أو درعاء فوفى له شعيب بما قال.
وحكى يحيى بن سلام أنه جعل له كل سخلة تولد على خلاف شية أمها فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام في المنام أن ألق عصاك في الماء الذي تسقى منه الغنم ففعل فولدت كلها على خلاف شيتها. وأخرج ابن ماجه. والبزار. وابن المنذر. والطبراني وغيرهم من حديث عتبة السلمي مرفوعا " أنه عليه السلام لما أراد فراق شعيب أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به فأعطاها ما ولدت غنمه من قالب لون من ذلك العام وكانت غنمه سوداء حسناء فانطلق موسى إلى عصاه فسماها من طرفها ثم وضعها في أدنى الحوض ثم أوردها فسقاها ووقف بإزاء الحوض فلم يصدر منها شاة إلا ضرب جنبها شاة شاة فأنمت وانثنت ووضعت كلها قوالب ألوان إلا شاة أو شاتين ليس فيها فشوش أي واسعة الشخب ولا ضبوب أي طويلة الضرع تجره ولا غزور أي ضيقة الشخب ولا ثعول أي لا ضرع لها إلا كهيئة حلمتين ولا كمشة تفوت الكف أي صغيرة الضرع لا يدرك الكف " وظاهر هذا الخبر أن الهبة كانت لزوجته عليه السلام وأنه كان ذلك لما أراد فراق شعيب عليهما السلام وهو خلاف ما يقتضيه ظاهر ما تقدم.
* (فلما قضى موسى الاجل وسار بأهله ءانس من جانب الطور نارا قال لاهله امكثوا إنىءانست نارا لعلىءاتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون) * * (فلما قضى موسى الأجل) * أي أتم المدة المضروبة لما أراد شعيب منه والمراد به الأجل الآخر كما أخرجه ابن مردويه عن مقسم عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما. وأخرج البخاري وجماعة عن ابن عباس أنه سئل أي الأجلين قضى موسى عليه السلام؟ فقال: قضى أكثرهما وأطيبهما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال فعل. وأخرج ابن مردويه من طريق علي بن عاصم عن أبي هرون عن أبي سعيد الخدري أن رجلا سأله أي الأجلين قضى موسى فقال: لا أدري حتى اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: لا أدري حتى أسأل جبريل عليه السلام فسأل جبريل فقال: لا أدري حتى أسأل ميكائيل عليه السلام فسأل ميكائيل فقال: لا أدري حتى أسأل الرفيع فسأل الرفيع فقال: لا أدري حتى أسأل إسرافيل عليه السلام فسأل إسرافيل فقال: لا أدري حتى أسأل ذا العزة جل جلاله فنادى إسرافيل بصوته الأشذ يا ذا العزة أي الأجلين قضى موسى قال: * (أتم الأجلين وأطيبهما عشر سنين) * قال علي بن عاصم: فكان أبو هرون إذا حدث بهذا الحديث يقول: حدثني أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن ميكائيل عن