تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٠ - الصفحة ٦٠
ومطلوبكما مما أنتما عليه من التأخر والذود ولم لا تباشران السقي كغيركما؟ وأصل الخطب مصدر خطب بمعنى طلب ثم استعمل بمعنى المفعول. وفي سؤاله عليه السلام إياهما دليلعلى جواز مكالمة الأجنبية فيما يعني.
وقرأ شمر * (ما خطبكما) * بكسر الخاء، قال في البحر: أي من زوجكما؟ ولم لا يسقى هو؟. وهذه قراءة شاذة نادشة اه‍. ولا يخفى ما فيه وإباء الجواب عنه. وقال بعضهم: الخطب فيها بمعنى المخطوب والمطلوب كما في القراءة المتواترة، ونظيره الحب بكسر الحال المهملة بمعنى المحبوب * (قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعآء) *.
أي عادتنا أن لا نسقي حتى يصرف الرعاة مواشيهم بعد ريها عن الماء عجزا عن مساجلتهم لا أنا لا نسقي اليوم إلى تلك الغاية. وقرأ ابن مصرف * (لا نسقي) * نضم النون من الاسقاء. وقرأ أبو جعفر، وشيبة، والحسن وقتادة، والعربيان: ابن عامر، وأبو عمرو * (يصدر) * بفتح الياء وضم الدال أي حتى يصدر الرعاة بأغنامهم. وسأل بعض الملوك عن الفرق بين القراءتين من حيث المعنى. فأجيب بأن قراءة يصدر بفتح الياء تدل على فرط حيائهما وتواريهما من الاختلاط بالأجانب. وقراءة يصدر بضم الياء تدل على إصدار الرعاة المواشي ولم يفهم منها صدورهم عن الماء. وقرىء بزاي خالصة وبحرف بين الصاد والزاي. وقرىء الرعاء بضم الراء والمعروف في صيغ الجمال فعال بكسر الفاء كما في قراءة الجمهور، وأما فعال بالضم فعلى خلاف القياس لأنه من أبنية المصادر والمفردات كنباح وصراخ، وإذا استعملفي معنى الجمع كما في القراءة الشاذة فقيل هو اسم جمع لا جمع وقيل إنه جمع أصلى وقيل إنه جمع ولكن الأصل فيه الكسر، والضم فيه بدل من الكسر كما أنه بدل من الفتخ في نحو سكارى، والوارد منه في كلام العرب ألفاظ محصورة ذكرها الخفاجي في شرح درة الغواص والمشهور منها على ما قال ثمانية، وقد نظمها صدر الأفاضل لا الزمخشري على الأصح بقوله: ما سمعنا كلما غير ثمان هي جمع وهي في الوزن فعال فرباب وفرار وتؤام، وعرام وعراق ورخال وظؤار جمع ظئر وبساط * جمع بسط هكذا فيما يقال وذهب أبو حيان إلى أن الرعاء في قراءة الجمهور ليس بقياس أيضا قال: لأنه جمع راع وقياس فاعل الصفة التي للعاقل أن تكسر على فعلة كفاض وقضاة وما سوى جمعه هذا فليس بقياس، وقرأ عياش عن أبي عمرو الرعاء بفتح الراء وهو مصدر أقيم مقام الصفة فاستوى لفظ الواحد والجماعة فيه، وجوز أن يكون مما حذف منه المضاف أي أهل الرعاء * (وأبونا شيخ كبير) * ابداء منهما للعذر له عليه السلام في توليهما للسقى بأنفسهما كأنهما قالتا: إنا امرأتان ضعيفتان مستورتان لا نقدر على مساجلة الرجال ومزاحمتهم وما لنا رجل يقوم بذلك وأبونا شيخ كبير السن قد أضعفه الكبر فلا بد لنا من تأخير السقي إلى أن يقضي الناس أوطارهم من الماء، وذكر بعضهم أنه عليه السلام أخرج السؤال على ما يقتضيه كرمه ورحمته بالضعفاء حيث سألهما عن مطلوبهما من التأخر والذود قصدا لأن يجاب بطلب المعونة إلا أنهما لجلالة قدرهما حملتا قوله على ما يجاب عنه بالسبب
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»