* (خالدين) * حال من أحد ضمائرهم على ما قيل وظاهره عدم الترجيح، وقال بعض الأفاضل: جعله حالا من الأول يقتضي كونها حالا مقدرة ومن الثالث يوهم تقييد المشيئة بها فخير الأمور أوسطها، ورجح بعضهم الثالث لقربه والتقييد غير مخل بل مهم، وجوز كونها حالا من المتقين ولا يخفى حاله، ولبعض الأجلة ههنا كلام فيه بحث ذكره الحمصي في حواشي التصريح فليراجع * (كان) * أي الوعد بما ذكر أو الموعود المفهوم من الكلام فيشمل الوعد بالجنة وبحصول ما يشاؤون لهم فيها وبالخلود على الأول والجنة وحصول المرادات والخلود الموعود بها على الثاني، وقال بعضهم: الضمير للخلود، وآخر لحصول ما يشاؤون لهم فيها أوله ولكون الجنة جزاء ومصيرا، والإفراد باعتبار ما ذكر ويغني عنه ما سمعت، والأكثرون على أنه لما يشاؤون وهو اسم كان وقوله تعالى: * (على ربك) * متعلق بها أو بمحذوف وقع حالا من قوله سبحانه: * (وعدا) * وهو خبرها، ولم يجوز تعلق الجار به سواء كان باقيا على مصدريته أو مؤولا باسم المفعول أي موعودا لما علمت من الخلاف في مرجع الضمير بناء على منع تقديم معمول المصدر عليه وإن كان مؤولا بغيره أو كان المقدم ظرفا وفيه خلاف، وجوز أن يكون * (على ربك) * متعلقا بمحذوف هو الخبر و * (وعدا) * مصدرا مؤكدا، والأظهر أن يجعل هو الخبر أي كان ذلك وعدا أو موعودا * (مسئولا) * أي حقيقا أن يسئل ويطلب لكونه مما يتنافس فيه المتنافسون أو سببا لحصول ذلك فمسؤوليته كناية عن كونه أمرا عظيما، ويجوز أن يراد كون الموعود مسؤولا حقيقة بمعنى يسأله الناس في دعائهم بقولهم: * (ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك) * (آل عمران: 194)، وقال سعيد بن أبي هلال: سمعت أبا حازم رضي الله تعالى عنه يقول: إذا كان يوم القيامة يقول المؤمنون: ربنا عملنا لك بما أمرتنا فأنجز لنا ما وعدتنا فذلك قوله تعالى: * (وعدا مسؤولا) *.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد هذا عن محمد بن كعب القرظي أنه قال في الآية: إن الملائكة عليهم السلام لتسأل ذلك في قولهم: * (ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم) * (غافر: 8) والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام لتشريفه صلى الله عليه وسلم والإشعار بأنه عليه الصلاة والسلام هو الفائز بمغانم الوعد الكريم. واستشكلت الآية على مذهب الأشاعرة لأنها تدل على الوجوب على الله تعالى لمكان * (على) * وعندهم لا يجب عليه سبحانه شيء لاستلزام ذلك سلب الاختيار وعدم استحقاق الحمد، وأجيب بأن الوجوب الذي تدل عليه الآية وجوب بمقتضى الوعد والممتنع إيجاب الإلجاء والقسر من خارج لأنه السالب للاختيار الموجب للمفسدة دون إيجابه تعالى على نفسه شيئا بمقتضى وعده وكرمه فإنه مسبوق بالإرادة والوجوب الناشىء من الإرادة لا ينافي الاختيار، وهذا ظاهر إذا كان الوعد حادثا وأما إذا كان قديما فالسابقية والمسبوقية بحسب الذات وذلك لا يستلزم الحدوث، أو يقال: الحادث بالإرادة تعلقه بالموعود به فافهم.
* (ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أءنتم أضللتم عبادى هاؤلاء أم هم ضلوا السبيل) *.
* (ويوم يحشرهم) * نصب على أنه مفعول لمضمر مقدم معطوف على قوله تعالى: * (قل أذلك) * الخ أي قل لهم ذلك واذكر لهم بعد التقريع والتحسير يوم يحشرهم الله عز وجل، والمراد تذكيرهم بما فيه من الحوادث الهائلة على ما سمعت في نظائره أو على أنه ظرف لمضمر مؤخر قد حذف للتنبيه على كمال هو له وفظاعة ما فيه والإيذان بأن العبارة لا تحيط ببيانه أي ويوم يحشرهم يكون من الأحوال والأهوال ما لا يفي ببيانه المقال.