وهو أعرف من المعرف بأل ويشترط في النعت أن يكون دون المنعوت أو مساويا له في التعريف، وقال أبو حيان: ينبغي أن يجوز النعت لأن * (الرسول) * قد صار علما بالغلبة كالبيت للكعبة فقد تساويا في التعريف.
* (قد يعلم الله الذين يتسللون منكم) * وعيد لمن هو بضد أولئك المؤمنين الذين لم يذهبوا حتى يستأذنوه عليه الصلاة والسلام، والتسلل الخروج من البين على التدريج والخفية، وقد للتحقيق، وجوز أن تكون لتقليل المتسللين في جنب معلوماته تعالى وأن تكون للتكثير إما حقيقة أو استعارة ضدية، وقال أبو حيان: إن قول بعض النحاة بإفادة قد التكثير إذا دخلت على المضارع غير صحيح وإنما التكثير مفهوم من سياق الكلام كما في قول زهير: أخى ثقة لا يهلك الخمر ماله * ولكنه قد يهلك المال نائله فإن سياق الكلام للمدح يفهم منه ذلك أي قد يعلم الله الذين يخرجون من الجماعة قليلا قليلا على خفية * (لواذا) * أي ملاوذة بأن يستتر بعضهم ببعض حتى يخرج. وأخرج أبو داود في مراسيله عن مقاتل قال: كان لا يخرج أحد لرعاف أو إحداث حتى يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم يشير إليه بأصبعه التي تلي الإبهام فيأذن له النبي صلى الله عليه وسلم يشير إليه بيده وكان من المنافقين من تثقل عليه الخطبة والجلوس في المسجد فكان إذا استأذن رجل من المسلمين قام المنافق إلى جنبه يستتر به حتى يخرج فأنزل الله تعالى: * (قد يعلم) * الآية، وقيل يلوذ به إراءة أنه من أتباعه.
ونصب * (لواذا) * على المصدرية أو الحالية بتأويل ملاوذين وهو مصدر لاوذ لعدم قلب واوه ياء تبعا لفعله ولو كان مصدر لاذ لقيل لياذا كقياما. وقرأ يزيد بن قطيب * (لواذا) * بفتح اللام فاحتمل أن يكون مصدر لاذ ولم تقلب واوه ياء لأنه لا كسرة قبلها فهو كطواف مصدر طاف، واحتمل أن يكون مصدر لاوذ وفتحة اللام لأجل فتحة الواو، والفاء في قوله تعالى: * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره) * لترتيب الحذر أو الأمر به على ما قبلها من علمه تعالى بأحوالهم فإنه مما يوجب الحذر البتة، والمخالفة كما قال الراغب: أن يأخذ كل واحد طريقا غير طريق الآخر في حاله أو فعله والأكثر استعمالها بدون عن فيقال خالف زيد عمرا وإذا استعملت بعن فذاك على تضمين معنى الإعراض.
وقيل الخروج أي يخالفون معرضين أو خارجين عن أمره. وقال ابن الحاجب: عدى يخالفون بعن لما في المخالفة من معنى التباعد والحيد كأنه قيل الذين يحيدون عن أمره بالمخالفة وهو أبلغ من أن يقال: يخالفون أمره.
وقيل على تضمين معنى الصد، وقيل إذا عدى بعن يراد به الصد دون تضمين ويتعدى إلى مفعول بنفسه يقال: خالف زيدا عن الأمر أي صده عنه والمفعول عليه هنا محذوف أي يخالفون المؤمنين أي يصدونهم عن أمره وحذف المفعول لأن المراد تقبيح حال المخالف وتعظيم أمر المخالف عنه فذكر الأهم وترك ما لا اهتمام به وقد يتعدى بإلى فيقال خالف إليه إذا أقبل نحوه.
وقال ابن عطية: * (عن) * هنا بمعنى بعد، والمعنى يقع خلافهم بعد أمره كما تقول: كان المطر عن ريح وأطعمته عن جوع. وقال أبو عبيدة. والأخش: هي زائدة أي يخالفون * (أمره) * وضمير أمره لله عز وجل فإن الأمر له سبحانه في الحقيقة أو للرسول صلى الله عليه وسلم فإنه المقصود بالذكر، والأمر له قيل الطلب أو الشأن أو ما يعمهما، ولا يخفى أن في تجويز كل على كل من الاحتمالين في الضمير نظرا فلا تغفل. وقرىء * (يخلفون) * بالتشديد أي يخلفون أنفسهم عن أمره