الهرة وما عرض علي طعام ولا شراب فكنت أرقد وأنا جائعة ظامئة فرأيت في منامي فتى فقال لي: مالك؟ فقلت: حزينة مما ذكر الناس فقال: ادعى بهذه الدعوات يفرج الله تعالى عنك فقلت: وما هي؟ فقال قولي يا سابغ النعم ويا دافع النقم ويا فارج الغمم ويا كاشف الظلم يا أعدل من حكم يا حسب من ظلم يا ولي من ظلم يا أول بلا بداية ويا آخر بلا نهاية يا من له اسم بلا كنية اللهم اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا قالت: فانتبهت أنا ريانة شبعانة وقد أنزل الله تعالى فرجي، ويسمى هذا الدعاء دعاء الفرج فليحفظ وليستعمل، ثم إنه عز وجل إثر ما فصل الزواجر عن الزنا وعن رمي العفائف عنه شرع في تفصيل الزواجر عما عسى يؤدي إلى أحدهما من مخالطة الرجال بالنساء ودخولهم عليهن في أوقات الخلوات وتعليم الآداب الجميلة والأفاعيل المرضية المستتبعة لسعادة الدارين [بم فقال سبحانه:
* (ياأيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذالكم خير لكم لعلكم تذكرون) *.
* (يا أيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم) * الخ، وسبب النزول على ما أخرج الفريابي. وغيره من طريق عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار أن امرأة قالت: يا رسول الله إني أكون في بيتي على الحالة التي لا أحب أن يراني عليها أحد ولا ولد ولا والد فيأتيني آت فيدخل علي فكيف أصنع؟ فنزلت: * (يا أيها الذين آمنوا) * الخ، وإضافة البيوت إلى ضمير المخاطبين لامية اختصاصية، والمراد عند بعض الاختصاص الملكي، ووصف البيوت بمغايرة بيوتهم بهذا المعنى خارج مخرج العادة التي هي سكنى كل أحد في ملكه وإلا فالآجر والمعير أيضا منهيان عن الدخول بغير إذن.
وقال بعضهم: المراد اختصاص السكنى أي غير بيوتكم التي تسكنونها لأن كون الآجر والمعير منهيين كغيرهما عن الدخول بغير إذن دليل على عدم إرادة الاختصاص الملكي فيحمل ذلك على الاختصاص المذكور فلا حاجة إلى القول بأن ذاك خارج مخرج العادة، وقرىء * (بيوتا غير بيوتكم) * بكسر الباء لأجل الياء * (حتى تستأنسوا) * أي تستأذنوا من يملك الإذن من أصحابها، وتفسيره بذلك أخرجه ابن أبي حاتم. وابن الأنباري في المصاحف. وابن جرير. وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. ويخالفه ما روى الحاكم وصححه والضياء في المختارة. والبيهقي في شعب الإيمان. وناس آخرون عنه أنه قال في * (حتى تستأنسوا) * أخطأ الكاتب وإنما هي * (حتى تستأذنوا) * لكن قال أبو حيان: من روى عن ابن عباس إنه قال ذلك فهو طاعن في الإسلام ملحد في الدين وابن عباس برىء من ذلك القول انتهى.
وأنت تعلم أن تصحيح الحاكم لا يعول عليه عند أئمة الحديث لكن للخبر المذكور طرق كثيرة، وكتاب الأحاديث المختارة للضياء كتاب معتبر، فقد قال السخاوي في فتح المغيث في تفسيم أهل المسانيد ومنهم من يقتصر على الصالح للحجة كالضياء في مختارته، والسيوطي يعد ما عد في ديباجة جمع الجوامع الكتب الخمسة وهي " صحيح البخاري ". و " صحيح مسلم ". و " صحيح ابن حبان ". و " المستدرك ". و " المختارة " للضياء قال: وجميع ما في الكتب الخمسة صحيح.
ونقل الحافظ ابن رجب في طبقات الحنابلة عن بعض الأئمة أنه قال: كتاب " المختارة " خير من " صحيح الحاكم " فوجود هذا الخبر هناك مع ما ذكر من تعدد طرقه يبعد ما قاله أبو حيان، وابن الأنباري أجاب عن هذا الخبر ونحوه من الأخبار الطاعنة بحسب الظاهر في تواتر القرآن المروية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - وسيأتي في تفسير هذه السورة إن شاء الله تعالى بعضها أيضا - بأن الروايات ضعيفة ومعارضة بروايات